الأحد، 8 مايو 2011
الأحد، 1 مايو 2011
تاريخ الاخوان الاسود الحلقة 51 اعترافات قيادى اخوانى يكشف تاريخهم القذر
المصرى تاريخ العدد الخميس ٢٤ يوليو ٢٠٠٨ عدد ١٥٠٢ عن مقالة بعنوان [ بد الستار المليجي عضو مجلس شوري الجماعة لـ «المصري اليوم»: (١- ٢) الإخوان لديهم تنظيم خاص ولجان سرية تدير النقابات ] حوار أحمد الخطيب ومنير أديب
الدكتور السيد عبدالستار المليجي، عضو مجلس شوري جماعة الإخوان المسلمين، أحد قيادات الجماعة، علي مدار ٢٠ عامًا، - حسب قوله- تبوأ خلالها العديد من المواقع التنظيمية التي أهلته لمعرفة أسرار الجماعة وأسرار العمل بها،
حيث كان مشرفًا علي المركز العلمي للبحوث والدراسات، الذي يدير الجزء العلمي داخل الإخوان، وكان هدفه جمع العناصر الأدبية والعلمية لإنجاز بحوث ودراسات، كما كان مسؤولاً عن تنظيم دورات لرفع المستوي المهني للقيادات الشابة للجماعة،
وكان من بين مسؤولي اللجنة المركزية داخل الجماعة للاتصال بالمحافظات.. المليجي- كما يقول- تعرض لمحاولة تهميش في الفترة الأخيرة بعد أن اكتشف أن داخل الجماعة «تنظيمًا خاصًا» لا يعرفه جموع الإخوان، يسيطر علي الأموال وعلي صناعة القرار دون أن يعرف ذلك حتي أعضاء مكتب الإرشاد، ويقوده محمود عزت.
رفض المليجي في الحوار مع «المصري اليوم» الكشف عن أسرار قال عنها إنها ستهز «الرأي العام»، الذي لا يعرف حقيقة تنظيم الإخوان المسلمين قائلاً: «سأرويها في كتاب سيخرج إلي النور قريبًا».. عن العلاقات المشبوهة لبعض القيادات ببعض الأجهزة الأمنية، وعن أسرار الأموال التي يتلقاها التنظيم الخاص من الخارج والداخل.
المليجي طلب من «المصري اليوم» إجراء حوار معه وحضر إلي مقر الجريدة ومعه العديد من الأوراق والمستندات الدالة علي كلامه - حسب قوله - من أجل كشف بعض الأسرار.. وعندما سألناه عن السبب وراء كشف هذه المعلومات، ولماذا كان يحجبها طوال الفترة الماضية
قال: «كنت أعتقد أن المرشد العام سيعمل علي ضرب هذا النظام الخاص والفساد، حيث سبق لي أن أرسلت عدة رسائل وكتبت عدة مذكرات له، كشفتُ فيها عن معلومات كان يجب التحقيق فيها، لكن هذا لم يحدث وهو ما دعاني لكشف كل ذلك أمام الرأي العام وفي الكتاب المرتقب وإلي نص الحوار:
* ما حكاية التنظيم الخاص الذي تتحدث عنه.. وهل تقول ذلك لأنك مختلف مع قيادات الجماعة، وتم تهميشك فيها مؤخرًا؟
- كنت أعمل داخل الإخوان كقيادي، وكنت مسؤولاً عن تجنيد الأفراد وضمهم للتنظيم وقيادته، المتمثلة آنذاك في المرشد الراحل عمر التلمساني، وفي إحدي المرات سلمت مجموعة من الأفراد الجدد للمرشد التلمساني علي اعتبار أنه المرشد إلا أنني فوجئت بمصطفي مشهور ينتقدني لأنني سلمت هؤلاء للتلمساني ولم أسلمهم له، فعلمت أن داخل الجماعة مجموعة تعمل لحسابها وتعمل علي إدارة التنظيم بشكل معين، وعندها توقفت أمام هذا التصرف، ولكن لم يخطر علي بالي أن هناك قبضة لبعض القيادات علي الجماعة.
* لكن شهادتك الآن «مجروحة»، خاصة أنك علي خلاف مع قيادات الجماعة؟
- أنا لست علي خلاف مع عموم الإخوان المسلمين، ولكن الخلاف محدود مع التنظيم السري الخاص الذي عاد من جديد لامتلاك مقدرات الجماعة بأساليب غير إخوانية، وكنت أتصور أن الجماعة تخلصت من هذه الأساليب، ففوجئنا بمن يتصرف من وراء قيادة مرشد الإخوان الثالث عمر التلمساني،
فمنذ عام ١٩٨٩ بدأت متاعبي مع فريق التنظيم السري القديم للجماعة الذي جمع لأفراده أعضاء جددًا، أثناء سفر الحاج مصطفي مشهور خارج مصر، وهم من الطلبة المبعوثين إلي الخارج في أوروبا وأمريكا ومن الإخوان المغتربين في السعودية والخليج واليمن، وعمد النظام الخاص إلي بتجنيد هؤلاء في كل موقع،
وأغلب من كان يقوم بهذا الدور أعضاء التنظيم الخاص «قديمًا» سواء كانوا من مجموعة ٥٤ أو ٦٥، وعلي رأسهم الأستاذ محمد البحيري في اليمن، الذي كان يمثل محطة التدريب الأساسية، من خلال عملهم كمبعوثين. واختلافي فقط مع القيادات التي تريد أن تحيي في الجماعة نظام العمل السري الخاص، بينما هناك وجهة معلنة ليس لها علاقة باتخاذ القرار،
وهذا الشكل أضر بجماعة الإخوان المسلمين ضررًا بالغًا، ثانيا أكن الاحترام الشديد للإخوان في الخاص أو في العام، كأفراد، ولكن أرفض أن تقوم مجموعة منهم من وراء القيادة بعمل تنظيم، هذا هو الموقف الذي يمكن أن أعترض عليه، وهذا التنظيم طول عمره في صراع مع الجماعة، وبدأ التنظيم عمله فعليا مع إدارة الحاج مصطفي مشهور للجماعة أثناء مرض مرشد الإخوان الرابع محمد حامد أبو النصر.
* هل ممكن تعريفنا علي هذه المجموعة الخاصة وملامحها؟ وهل هي مسلحة؟
- فكرة التسلح انتهت إلي الأبد من الإخوان، ولكن الفكر الإداري لم يتغير، وهذا هو جوهر التنظيم الخاص، بحيث يعمل الجزء الأكبر من الجماعة تحت الأرض، وقليل منهم من يعمل فوق الأرض، وهذا هو سبب الإشكال مع كل الحكومات المتعاقبة،
لأن هذه الحكومات ترفض مطلقًا أن يكون هناك عمل بشكل سري وخاص، وأيضًا بالدور الذي يؤديه الكيان حيث يتسم بالغموض، وشكل الممارسة لهذا التنظيم أيضًا، والحكومات مستفيدة من ذلك لأنها تريد أن تبقي الإخوان بهذا الشكل حتي تستطيع أن تتعامل مع الجزء السري وليس مع الجزء العلني، علي غير ما يفهم الناس.
* تاريخيا متي بدأ التنظيم الخاص القديم أو الجديد؟
- بدأ مع حسن البنا في الأربعينيات وكانت له أهداف في ذلك، منها حماية المؤتمرات الجماهيرية للجماعة، وكان مع ذلك متسقًا مع البيئة العامة وقتها، لأن كل حزب كان له ميليشيا وهو ما يسمي «لجنة نظام»، عبارة عن تدريب عقلي، وكانت وقتها الأسلحة منتشرة في مصر، وعندما قام ببعض عمليات الاغتيال دون إذن القيادة، التي كان آخرها اغتيال النقراشي تبرأ منهم المؤسس الشيخ حسن البنا،
وقال: «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، وهذا يجسده أحمد عادل كمال أحد قيادات هذا التنظيم في كتابه «النقط فوق الحروف.. الإخوان المسلمون والنظام الخاص»، الذي لايزال علي قيد الحياة حتي الآن، وهذا الكتاب يعتبر من أوثق الكتب التي تحدثت عن النظام الخاص، هذا النظام في عصر حسن البنا استمر عامين فقط وانتهي بوفاة البنا،
وكان من نتائجه اغتيال رئيس الحركة و«مؤسس الجماعة» بسبب اغتيال هذا النظام للنقراشي، رئيس وزراء مصر الأسبق، ووقتها تحول الإخوان من جماعة تدير شؤونها في العلن إلي تنظيم يتحكم فيها.
* وهل خلافك مع الجماعة في هذه النقطة تحديدًا دون غيرها، وما موقعك الرسمي في الجماعة الآن؟
- أنا خلافي حددته في عدد من الرسائل بلغ ١٥ رسالة سميتها «رسائل الإصلاح».. وبشكل مختصر وجود هذا التنظيم «الخاص» وشكل وإدارة العمل وبعض الممارسات، وسوف تكون قريبًا ضمن كتاب في السوق، أما عن موقعي فأنا عضو مجلس شوري الجماعة منذ عام ١٩٩٥.
* هل تعرضت بسبب هذه الأفكار لمضايقات من قبل مسؤولي «التنظيم الخاص»؟
- بلا شك تعرضت لمضايقات، منها علي سبيل المثال الحصار الإعلامي والأدبي الذي يمارسه هذا التنظيم علي شخصي، ولكني كنت علي قدر من المقاومة والتفاعل، كثير من الإخوان ممن تعرضوا لما تعرضت له جمدوا موقفهم بعد هذا الحصار، وأشهرهم إسماعيل الهضيبي، نجل المرشد الثاني للجماعة المستشار حسن الهضيبي، الذي انضم للعمل الإخواني قبل أبيه المرشد الثاني للجماعة بفترة طويلة، وكان أولي له أن يكون مرشدًا عن المأمون الهضيبي، ولكنه استبعد بسبب أفكاره وآرائه.
* النظام الخاص عمليا المفروض أنه انتهي بانتهاء الاحتلال؟
- النظام الخاص للإخوان بشكله القديم هو سبب مصائب الجماعة وهو الذي قتل البنا، عندما قتل النقراشي فكانت عملية اغتيال الشهيد رداً علي ذلك، وهو الذي قام بمحاولة اغتيال الرئيس عبدالناصر، وهذا مؤكد رغم نفي الإخوان لذلك، والشيخ علي نويتو اعترف بذلك، والنظام الخاص الذي عاد قبل سنوات الذي اتحدث عنه هو سبب خراب الجماعة.
* ولكن هذه الاعترافات قد تكون تمت تحت ضغط؟
- هذا غير صحيح.. الاعترافات لم تكن تحت ضغط الشرطة وإنما ضمن تصريحات صحفية.
* ولكن «علي نويتو» نفي هذا الكلام؟
- وكيف ينفيه وهو قاله ضمن وسيلة إعلامية شاهدها الملايين وهي قناة «الجزيرة» ، حتي وإن نفي بعد ذلك، فإذا غابت القيادة فإن التنظيم الخاص يقوم بإدارة الأمور.
* ولكن أشيع عن حادث المنشية أنه دبر، وما قاله الدكتور محمود جامع في روايته الشهيرة من أن عبدالناصر دبر هذه المحاولة؟
- النظام الخاص للإخوان بالفعل حاول قتل الرئيس المصري جمال عبدالناصر، وأنا أتعجب أن الناس غير متصورة أن يقوم النظام الخاص بمثل ما صنع، رغم أن تفكير هذا النظام مقصور علي التنفيذ بالقوة، فعندما تصورو أن جمال عبدالناصر يمثل حجر عثرة، ليس في وجه الإخوان، ولكن في وجه الإسلام ككل، حاول قتله،
وهذا النظام يمثل إشكالية بين الإخوان وجمال عبدالناصر، رغم أن هناك من الإخوان من دخل وعمل مع جمال عبدالناصر، مثل أحمد كمال أبوالمجد والشرباصي، وعبد العزيز كامل كان يكتب رسائل التربية للإخوان، ولم يكن هناك خلاف بين الإخوان والثورة، فالخلاف كان بين الثورة والتنظيم الخاص فقط، فالدولة كانت ترفض أن يكون هناك تنظيم خاص.
* هل هذا النظام الخاص بشكله الحالي الذي تقول عنه إنه امتداد للنظام الخاص القديم؟
- بلا شك هو امتداد للنظام الخاص السابق، خلافي مع هذا النظام الخاص لأنه يجعل الجماعة برأسين، هذا النظام هو نفس النظام القديم، ولكنه يختلف عنه في أنه غير مسلح، نظام خاص بمفهومه القديم، مجموعات من الإخوان تلتقي في السر.. وسأذكر التفاصيل في كتابي القادم.
* من هم أفراد هذا التنظيم؟!
- ما حدث فعلياً أن عمر التلمساني كان يريد أن تبقي الجماعة بمرجعية ترشد الصحوة الإسلامية، كي يوجد نظام إسلامي عام في مصر، علي غرار الجماعات الإسلامية، دون رفع شعار الجماعة، وخضت أنا انتخابات تحت شعار الصوت الإسلامي ضمن قوائم الإخوان، دون رفع الشعار، حيث كان التلمساني يريد أن يبقي علي مسافة واحدة من جميع القوي السياسية، لذلك دخل في تحالف مع الوفد سنة ١٩٨٤، كما كانت هذه هي وجهة النظر التي بايعناه عليها.
كما أن الإخوان عقدوا في منزلي عدة اجتماعات في هذه الفترة مرة يوم حفل زواجي، ومرة أخري في عقيقة نجلي الأول وكان منهم الشيخ عبدالستار فتح الله وعبدالمعز عبدالستار والمطراوي ولم تكن هذه الشخصيات قيادية، ثم مرة ثالثة عندما أنجبت مولودي الثاني اجتمعوا في منزلي وكان منهم مهدي عاكف المرشد الحالي ومحمد العزباوي ومحمد الشناوي ومحمد عبدالسلام شرف وطه الزيات وحسن عبدالعال،
ولم يكونوا أصحاب مواقع تنظيمية في الجماعة، واستمر التلمساني في تنظيم الجماعة علي أفضل وضع دون وجود تنظيم سري حتي عاد مصطفي مشهور ومعه الناس الذين تم تدريبهم في الخارج في اليمن والكويت وأفغانستان ومنهم محمد سعد الكتاتني عضو مكتب الإرشاد ورئيس الكتلة البرلمانية للإخوان والطلاب المبعوثون من الدول الإسلامية، وكان ذلك عام ١٩٨٧ بعدها بدأ التنظيم السري.
* ما الذي حدث بعد عودة مشهور من الخارج؟
- عندما عاد مشهور بكل هذه المجموعة عرفوا أنهم لا يمكن أن يسيطروا لأن واقع الجماعة قد ترسخ مائة في المائة، فبدأوا يجمعون معلومات وافية عن تنظيم الإخوان في مصر وقام هؤلاء بإنشاء شركة سلسبيل، كي يبحثوا طريقة غزو التنظيم وكان كل ذلك من وراء المرشد،
والحقيقة التي لا يعلمها أحد أن هذه المجموعة التي ضمت مشهور ومحمود عزت حالياً، والمتطرفين الذين جاءوا من الخارج كانوا يجمعون معلومات عن التنظيم ووضعوها في شركة «سلسبيل» التي تم الكشف عنها لديروا التنظيم بعيداً عن المرشد العام آنذاك.
* هل كنت عضواً مسؤولاً وقتها؟
- نعم كنت مسؤولاً تنظيمياً ضمن خمسة مسؤولية عن قسم الطلاب، وضمن مسؤولي اللجنة المركزية للاتصال بالمحافظات، كان ذلك عام ١٩٨٩، ففي هذه الفترة اعترض مصطفي مشهور علي تسليمي الأفراد اللي كانوا معي للأستاذ عمر التلمساني، ووقتها لم أعرف أن هناك تنظيمين للإخوان،
رغم أنني مجند للإخوان أصلاً عن طريق الحاج مصطفي مشهور علي أساس أنه وكيل عن الأستاذ عمر التلمساني. لكنه هرب مع عدد كبير منهم محمود عزت وخيرت الشاطر قبل وبعد مقتل السادات مباشرة.
* ولماذا هربت هذه القيادات؟
- لا أعرف كيف هربوا ولكن ما يمكن قوله إنه كان هروباً مشيناً، لأنه لا ينبغي للقيادات أن تهرب بهذا الشكل، المفروض القيادة تتواجد في الميدان حتي اللحظة الأخيرة، وعندي معلومات خطيرة في هذا الشأن، كنت أنا أحد أطرافها لا أستطيع الكشف عنها الآن عن واقعة الهروب وغيرها من الوقائع.
* مَن كان قيادتك المباشرة في ذلك الوقت ومَن الذي هرب؟
- القيادة المباشرة لي كانت الدكتور محمود عزت، أمين عام الجماعة الحالي ومسؤوله المباشر مصطفي مشهور ومسؤول مشهور المباشر عمر التلمساني، بالطبع هرب مصطفي مشهور ومحمود عزت، وعمر التلمساني كان في السجن وقتها.
* متي كان هذا الهروب لقيادات الجماعة؟
- هذا الهروب كان قبل اعتقالات ٤ سبتمبر، وطبعاً معروف أن السادات قتل في ٦ أكتوبر، وهناك علامات استفهام كبيرة حول علاقة هؤلاء القيادات بوزارة الداخلية وأجهزة الأمن، وربما يكون حد قال ليهم يهربوا، كل هذا كان مطروحاً، رغم أنني لم أقصر في أي تكليف للإخوان، وأنا كنت مسؤولاً في قسم الطلاب ولم يكن هناك قرار واضح،
أن أترك القسم، هم صحيح بيعملوا اجتماعات من ورايا، لكن لم يصدر قرار بفصلي، وانتقلت لقسم المهن وأديت فيه سنة ١٩٩٥، وأنشأت نقابة من الصفر أسمها نقابة المهن العلمية ومسؤول عن إخوان نقابة العلميين، وكنت مسؤول بقسم الاتصال الخارجي مع الأستاذ محمد مهدي عاكف، مرشد الإخوان الحالي، لكي نعلم الناس كيف ينشؤون أقساماً في الجامعات وقمنا بزيارات عديدة إلي دول العالم، وكنت مسؤولاً عن الوافدين المصريين في مدينة نصر كلها، إلي أن تم اعتقالي في ١٩٩٥ المعروفة وقضية النقابات، لماذا لم ترسل رسائلك آنذاك للإصلاح كما تقول للقيادات؟
أرسلت رسالة لمصطفي مشهور ضمن ١٥ رسالة تفصيلية للإصلاح، أرسلتها لمكتب إرشاد الجماعة للأسف تعامل مع هذه الرسائل بقدر كبير من الإهمال، وقد شاركت في وضع رؤية للعمل الإخواني ضمن عشر سنوات مقبلة في هذه الدراسة وأنشأت لجنة في ذلك ولم يجعلوني رئيساً، بعد ما خرجت من السجن، كان بموجبها يمكن أن تكون الإخوان أكثر حيوية مما هي عليه الآن ولكن لم ينفذ منها شيء، وهذا ضد تفكير النظام السري للإخوان، عشان يفضل قابض علي الأمور كلها، حتي لا تخرج قيادات فعلية، لازم تمارس عليه، عملية إضعاف، حتي وإن كان خطيب مسجد ومعاه جمهور، فيقومون بتهميشه تنظيمياً، تفكير الشخص الواحد والقائد الواحد.
* ولكن انقطعت مسؤوليتك التنظيمية بعد ذلك؟
- لم تنقطع مطلقاً وأنا مازلت مسؤولاً في نقابة العلميين حتي الآن، ولكن بقية الأقسام الفنية «السرية الآن» أرفض الاجتماع بهم، لأن الذي علمته أن لجان سرية للإخوان، أو بالتحديد تابعة لهذا النظام الخاص، غير اللجان الإخوانية المعروفة، تقوم بتكليف اللجان الإخوانية المعلنة، وأنا شخصياً تعرضت لذلك، عندما فوجئت بمن يعطني أوامر وتكاليفات قال عنها إنها سرية، فهذه طريقة عمل سيئة، تجاوزها الزمن بكثير لأن الأعضاء انتخبوك علي هذا، لا ينفع قانوناً أو أخلاقياً،
لابد أن يكون عملك لهؤلاء الأعضاء فقط وهذا ما لم يحدث من قبل الإخوان في هذه النقابات، فأنت في أي مؤتمر في نقابة الأطباء تشوف نسبة الأطباء كام، وهذا قمة الفشل، وهو فشل مهني ذريع، والأمن علي الأبواب بيكون عارف، ده إخواني من شرق وده من إخوان الجيزة وغيره، تجربة الإخوان في النقابات هتخرج برضه في كتاب ضمن كتاب قريباً
المصرى اليوم تاريخ العدد الجمعة ٢٥ يوليو ٢٠٠٨ عدد ١٥٠٣ عن خبر بعنوان [ عبدالستار المليجي عضو مجلس شوري الجماعة: «٢ - ٢» الإخوان «ورقة» تستخدمها الدولة.. وعددهم لا يتجاوز ١٠٠ ألف بـ«المتعاطفين معهم» ] حوار أحمد الخطيب - منير أديب ٢٥/٧/٢٠٠٨
يواصل الدكتور عبدالستار المليجي شهادته، كما يقول، للرأي العام من خلال «المصري اليوم» ليكشف أسراراً أكد أنه طالما أبلغها للمرشد العام للتحقيق فيها، لكن دون جدوي.
المليجي يكشف في الجزء الثاني من الحوار عن أن بعض القيادات الإخوانية تستخدم «أسماء مستعارة» للهجوم علي آخرين، منها مثلاً ما كتب باسم زهراء بنت المهندس خيرت الشاطر عندما هاجمته في موقع «إخوان أون لاين»، وقال أرسل الشاطر لابنته يلومها علي الرسالة فقالت له عمو محمود عزت هو الذي كتبها وطلب أن أضع اسمي عليها.
وأضاف «الكذب يملأ الجماعة الكل يكذب ليل نهار» فضلاً عن شن حملة تشويه بـ«التهمة الجاهزة» لأي معارض، وهي أنه «يتبع الأمن».
لم يقف المليجي عند التطرق إلي بعض سمات الجماعة، ولكنه كشف عن معلومات وصفها بالـ«خطيرة»، عن التمويل وطريقة الحصول عليه، وكيف يتم السطو عليها من قبل قيادات الجماعة رغم أنها تعلم أن هذه الأموال في حقيقتها «صدقات».
.. الحوار مليء بالمعلومات التي قد يكشف عنها لأول مرة من قيادي يعمل في التنظيم علي غير العادة.. فإلي نصه:
* بداية أنت مهمش الآن داخل الجماعة، ومنذ فترة يقول «الإخوان» إنك بعيد عن المواقع التنظيمية فما ردك؟
- أنا لم يهمشني أحد أنا معي شهادة من قبل الأجهزة الأمنية في محكمة عسكرية بأنني أدير جماعة الإخوان علي خلاف القانون فكيف يهمشني الآخرون من داخل الجماعة ويصفونني مثلا بأنني لست إخوانياً.
* ولكن المرشد عاكف قال إنه لا يعرف أحداً اسمه السيد عبدالستار المليجي؟
- هذا غير صحيح لأنه قال «كلام حلو» في حقي وقال إنه اشتغل معي وقال إنني كفء، عندما عملت معه في قسم الطلاب، وأنا أشكره علي هذا، وقال أيضاً إن موقفي في المحاكمات العسكرية أغضب الإخوان، رغم أن رسالتي محورها «أموال الإخوان من أين وإلي أين»، وكنت قد أرسلتها قديما من قبل المحاكمات العسكرية، وضبطتها مباحث أمن الدولة في منزل أحد قيادات الإخوان أثناء احتفاظه بها في منزله، وتم نشرها في الأهرام.
* ولكن الزهراء خيرت الشاطر انتقدتك علي الموقع الرسمي للجماعة بسبب هذه الرسالة؟
- للأسف الزهراء لم تنتقدني كما يظن البعض، ولكن الذي قام بتوجيه هذه الانتقادات هو الدكتور محمود عزت، أمين عام الجماعة، لأن خيرت الشاطر أرسل يلوم ابنته علي هذه المقالة، فقالت له أنا لم أكتب هذه المقالة ومحمود عزت هو من كتبها، وطلب أن أضع اسمي عليها.
* البعض كان يشير بشكل خفي إلي أنك تتعامل مع الأجهزة الأمنية؟
- هذا كلام غريب ولم يحدث بالطبع وهو اتهام جاهز لكل من يختلف مع أحد من القيادات في الإخوان، بل عندما تتأمل تجد أن التنظيم الخاص كان أكثر نقاط الاختراق للجماعة، مثلاً الحاج مصطفي مشهور حمل كل أوراق الإخوان ومشي في شارع كان لا يجب أن يسير فيه، وبالتالي عرف كل شيء عن الإخوان بسبب هذا الخطأ، وفي سلسبيل كان نفس الأمر، حيث تتبعتهم مباحث أمن الدولة من خلالهم وهم يجمعون المعلومات، ثم قبضت عليهم، وكانت بمثابة الكنز لهذه الأجهزة، وهم دائماً فشلة،
وعندما دبروا لاغتيال جمال عبدالناصر فشلوا، ولما «العيال» الصغيرة بتوع الجماعة الإسلامية حاولوا اغتيال السادات نجحوا، لأنه كان هناك فرق في الأداء، حتي الأداء الإجرامي هم ليسوا «شاطرين» فيه، ولا حتي الأداء التنظيمي، ولا لديهم كفاءات كبيرة، فهو ادعاد أكثر منه حقيقة، والشيء الذي يستخدمونه لتجنيد أفراد جديدة هو تشويه سمعة الآخرين، كما أن الكذب لديهم مباح، لأنه بيقولك في سبيل الله، وهم يقولون ذلك في حق، فكثيرا ما أسمع سباباً من هذه القيادات، وبعضهم كان يكتب عنا تقارير في السجن ويرسلها للقيادات، ولما خرجت من السجن وجدت كل الوجوه مكشرة لي بسبب هذه التقارير الكاذبة.
* قلت إن الدكتور محمد حبيب «مجرد ديكور».. ورغم كونه نائب المرشد.. فإن الآخرين هم الذين يقودون.. ماذا تعني بذلك؟
- نعم، هذا صحيح، لأن حبيب رجل محترم، ولكن ليست لديه عزوة إخوانية.
* ولكن حبيب كان مسؤول المكتب الإداري في أسيوط بالصعيد؟
- محمود حسين أزاح محمد حبيب، لأن الأخير دمياطي والأول أسيوطي، مع أن المعروف أن حسين لم يعش في أسيوط وهو من مواليد فلسطين، لأن والده الأسيوطي هاجر إلي فلسطين في العشرينيات، وأنجب أولاده جميعاً هناك، ولم يعد حسين إلي أسيوط إلا بعد حصوله علي الثانوية العامة من غزة، وفي هذا الوقت كان حبيب يقود عملاً إسلامياً ملموساً في نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط وعندما اشتكي حبيب للتملساني من منافسه حسين في أسيوط طيب التلمساني خاطره، وقال له تعالي اشتغل معانا في مكتب الإرشاد.
* البعض يذكر أنك تعرضت لمضايقات داخل السجن بسبب خلافاتك الدائمة مع قيادات الجماعة داخل السجن؟
- الخلافات الدائمة كانت بين محمد السروي ومحمود عزت، وهما من كانا يكتبان تقارير دائماً في الإخوان من داخل السجن.
* وما أبرز انتقاداتك التي وجهتها حول أموال الإخوان؟
- أنا بالفعل انتقدت أموال الإخوان في رسالة «أموال الإخوان من أين وإلي أين» والتي أرسلتها لمكتب الإرشاد وطالبت بأن نعرف منافذ صرف هذه الأموال.
* ومن أين تأتي هذه الأموال؟
- هي مجرد تبرعات تأتي من الداخل والخارج، والتنظيم السري يقول لن نعلن عنها من أجل الحصار الأمني، وأنا أطالبه بأن يعلن ميزانية ويشارك فيها مجلس شوري الإخوان بالقبول أو الرفض، لنعرف أين تصرف، فالمفروض مجلس شوري الإخوان يكون من صلاحياته أن يعطي ضوءا أخضر لإنفاق هذه الأموال، لأن هناك أناساً فقراء جدا في الإخوان، وأصبحوا فجأة أغنياء، وليس لديهم قدرات، واتضح أنهم بيحصلوا علي فلوس التبرعات ليعملوا بيها استثمارات، وفور وفاة الشخص، الفلوس بتضيع علي الإخوان، لأن أولاده بيورثوها والقيادات الأمنية قامت بالقبض علي الكثير من الإخوان، وأخذت فلوس الكثير، مثلما قبضت علي أحد الإخوان وأخدت من خزانته ٢٧٠ ألف دولار و٢٠٠ ألف جنيه عند آخر ولذلك أنا أتساءل كيف تدار الحركة المالية داخل الجماعة، وكيف يتم التعامل مع التبرعات التي تأتي للإخوان، خاصة أن هناك متدينين يتبرعون للصدقة وليست كل هذه التبرعات من أموال الإخوان، فالمتعاطفون الذين يتبرعون كثيرون، فبالتالي من حق الناس معرفة أوجه إنفاق هذه الأموال وفقراء الإخوان لا أحد يسأل عنهم،
والتنظيم السري بياخد الأموال، الدكتور محمد سعد الكتاتني، مسؤول الكتلة البرلمانية للإخوان أنشأوا له مركزاً علمياً في المنيل فور وصوله من الخارج وتم إنشاء شركة كمبيوتر له، لأنه «متظبط» من الخارج ضمن مجموعة التنظيم السري، بينما المسؤول عن المحافظة كلها الشخص الكبير الدكتور علي عمران فقير ولا يجد أي مساندة، فهذه الأموال تستخدم للإفساد التنظيمي داخل الإخوان، وكل هذا حرام شرعاً.
* معني هذا أن هناك لغزاً كبيراً في الأموال حتي داخل التنظيم نفسه.. فضلاً عن سؤال الرأي العام الدائم عن حجم هذه الأموال ومصدرها؟
- الإخوان تستطيع أن تطلق عليهم ظاهرة «أندر كنترول»، أي تحت الضبط الحكومي، فالإخوان ليسوا فاعلا، ولكنهم مفعول به والدولة تستخدمهم كورقة، فالإخوان ورقة سياسية تستخدمها الدولة في الوقت المناسب وتحرقها في الوقت المناسب، ولذلك يرفضون التقدم بإنشاء جمعية كي لا تحدد مصارف الأموال، وهذه طبيعة النظام الخاص، لا يريد أي رقابة تمنح وتمنع، والنائب الأول للمرشد محمد حبيب يؤكد أنه أشرف علي انتخابات مكتب الإرشاد الأخيرة، وهذه طبيعة السرية داخل هذا التنظيم،
مع العلم بأن الإخوان ليسوا علي دراية بهذه الانتخابات تماما ولا توجد أصلاً كشوف ناخبين ولا أحد يترشح، ولا توجد أي آلية ولا حد يعرف مواعيد الانتخابات، وفي انتخابات مجلس الشوري في ١٩٩٥، كان قد نجح ٥٠ عضو مجلس شوري وفجأة تمت إضافة ٣٠ آخرين ولما سألنا عن هؤلاء الثلاثين قالوا لنا إن هؤلاء كانوا أعضاء بمكتب الإرشاد، وبالتالي من حقهم المشاركة في التصويت والاجتماع مع مجلس شوري الجماعة.
* ولماذا لم تظهر انتقاداتك هذه في وقتها؟
- لأنني شاري الإخوان لحد وقت متأخر، وأحاول أن أصلح من الداخل، ومش لازم كل حاجة أعلنها، ويهمني جموع الإخوان التي لا تعرف، لأنها هي التي تحمي الإخوان وتتبرع لها.
* ولكنك مازالت تنتمي للإخوان؟
- نعم، وسأبقي حتي لو عملت جمعية جديدة اسمها الإخوان المسلمين.
* ما فكرة الجمعية التي ترغب في الإعلان عنها بديلا لوجود تنظيم الإخوان؟
- الفكرة أن وجود التنظيم بشكله الآن غير شرعي وغير قانوني، ويستحيل بعد هذه السن والوضعية الاجتماعية أن أتعامل علي خلاف القانون، فكيف أطالب بدولة مدنية وبعد ذلك أتعامل علي خلاف القانون، لابد من اكتساب القانونية، ومن هنا كانت فكرة إنشاء الجمعية حتي يكون هناك وجود شرعي.
* وهل تعتقد أن الدولة ستوافق علي ذلك؟
- ليس بالضرورة أن توافق الدولة، ولكن عليك أن تتقدم، وفي حال رفضها توضح عوار الدولة، ولا تقول أنا لو قدمت الدولة هترفض، لو أردت أن تمارس السياسة فطريقك الحزب السياسي ولا تقول إن اللجنة الموجودة أنا مش راضي عنها، لأن ذلك ليس من سلطتك، ولكن من سلطة مجلس الشعب، ولابد أن تقدم علي حزب، وكيل مؤسسين وألف عضو معاه وبرنامج من خمس ورقات، وتقدم للجنة التي تقول رأيها،
وأذكر أنني اختار الاسم اللي عاوزه، وطالما أنت الذي لم تتقدم لإنشاء حزب إذن أنت المخطئ ، وأذكر أنني قدمت قبل ذلك لحزب سياسي، وعملت مشكلة مع حزب الوسط وتراجعت عن إنشاء الحزب ولذلك كان البديل هو الجمعية الخيرية، وسوف أتقدم بها خلال هذا العام، وهذه الفكرة تروق للكثيرين من الإخوان، وإن كان الإخوان غير معتمدين علي هذا الشكل من ٣٥ سنة، حيث لا توجد عقلية سياسية لدي الإخوان، فهم يظنون أنهم يحملون راية الإسلام بمفردهم.
* وأين محمد مهدي عاكف من كل هذا؟
- ليس بيده إدارة الأمور في الجماعة فمحمود عزت، أمين عام الجماعة، وصبري عرفة ومحمود غزلان، هم العناصر بارزة العداء لما هو مألوف في الإخوان، وهي التي تقود.
* ولماذا أنت تصر علي العمل مع الإخوان رغم استبعاد الجماعة لك من العمل العام؟
- أنا لجأت للعمل من خلال الحركة المصرية من أجل التغيير كفاية، لأنني قلت للإخوان أنتم لا تعملون شيئاً، وكنا علي عهد بأنهم يعاونون كفاية ويدعمون وقفاتها الاحتجاجية، علي سبيل المثال، لكنهم استصغروا حجمها واستقلوا بها حتي حدثت المحاكمات العسكرية فقالوا إن كفاية لا تقف معهم، فكيف تطلب منهم ذلك وأنتم أول من تخلي عنهم، ورغم ذلك كتبت حركة كفاية أكثر من بيان تندد فيه بالمحاكمات العسكرية تفضلا منها، وكان من حقها أن تسكت، والغريب أن الإخوان قاموا بتشكيل جبهة أخري مثل كفاية سموها الجبهة الوطنية «المهلبية» وفشلت فشلا ذريعا.
* ولماذا لم يشاركوا مع كفاية ولم يدعموها؟
- كانت حجة الإخوان أن هذا التشكيل سيسحب بساط الحركة المصرية من تحت أقدام الإخوان وأنت تنظيم كلاسيكي راكد لا تنسحب، أصرف من عندك شوية ناس عشان يساندوا الحركة، وكان الإخوان يقولون عن كفاية إنهم شوية عيال ولا توجد أحزاب ومفيش حد في مصر غيرنا، وهذا وضع صغير وغير عادل.
* وكم عدد الإخوان في تقديرك وأنت أحد قيادات هذا التنظيم؟
- علي غير ما يتوقع الناس فالإخوان لا يتجاوز عددهم الـ ١٠٠ ألف بالمحبين والمتعاطفين وجيران المحبين والمتعاطفين والإخوان العاملون لا يتجاوز عددهم ٥ آلاف إخواني منهم ٨٥ أعضاء في مجلس الشوري، وهناك أكثر من عشر محافظات لا يوجد بها إخوان أصلاً، والجماعة تروج أن عددها كبير، وهذا غير حقيقي، وعندما تكون هناك مظاهرة في ميدان التحرير يأتي لها من أربع محافظات فيظهر أن عددهم كبير وهو ما تفعله الجماعة.
* ألا تري أن كلامك هذا ينهي علاقتك بالإخوان كتنظيم؟
- هذا غير صحيح، لأنني مع الإخوان كقواعد وأدافع عنهم واستخلص حقوقهم من اللي أخذوها وضد التنظيم الخاص السري الذي نحا بالجماعة هذا المنحي وأدخلها هذه المتاهات، وهو تنظيم محظور وأموال مأخوذة وقيادات في السجن، وهذه نهاية لا يمكن أن نتصورها.
* عودة للمقالة التي وضع محمود عزت اسم الزهراء خيرت الشاطر عليها وكانت تحمل انتقادات لك، هل الإخوان يلجأون لمثل هذه الوسيلة من التعامل؟
- نعم يلجأون لهذه الوسيلة وليت الأمر يقتصر علي المقالات، بل يتطور إلي كتب يضعون عليها أسماء غيرهم، مثل كل كتب التربية الموجودة الآن، ومثل كتب التربية المكتوب علي بعضها سعيد جمعة رغم أن مفيش حد اسمه سعيد جمعة في الأساس، وهذه كلها أساليب رخيصة.
* وما رأيك في برنامج حزب الإخوان؟
- أولاً هذا البرنامج كان لابد أن يعرض علي مجلس شوري الجماعة، حيث يعتبر الجهة المعنية بالنظر في مثل هذه القضايا وليست المكاتب الإدارية، لأنه عارف مجلس الشوري ده لو اجتمع لن يوافق علي ما يطرح، فبالتالي هو بيتعامل بسياسة «اللي تغلبه العب به»، فبالتالي يتخطي اللائحة ويغير فيها ما يريد وتفاجئ وأنت تجري عملية انتخابية أنها تمت علي غير ما تريد، وغندما تقول ليه كده، يقول أصل اللائحة تغيرت، ومن اللي غيرها يقولك الإخوان، كلمة مبهمة.
* كيف أجريت انتخابات مكتب الإرشاد الأخيرة؟
- ليس لدي علم بذلك، رغم أنني عضو مجلس شوري، والنظام السري في الجماعة لا يصلح معه أن تكون هناك انتخابات، وهو ليس في حاجة لانتخابات، لأن الإخوان لديهم من الأعراف الكثير، ولكن الأعراف تلفظ العمل السري الخاص، علي طريقة النظام الخاص الذي أربك الجماعة علي مدار التاريخ، ولذلك هو يجد في الوقت الحالي فرصة له أفضل، ويبحث عن مشروعية غير حقيقة.
* وكيف تقيمّ آداء ونتائج جماعة الإخوان المسلمين بعد هذا العمر المديد؟
- الجماعة عندما أنشأها مؤسسها الأول حسن البنا كانت تريد إقامة الخلافة الإسلامية سنة ١٩٢٨، رغم أن الإمام الخميني أنشأ دولته في عشر سنوات فقط، وهذه قدرة علي الإنجاز، وأصبحت إيران أقوي دولة إسلامية علي الإطلاق حربياً وتكنولوجياً واقتصادياً، وتقف أمام أمريكا الآن، ومنظمة صغيرة اسمها حزب الله هزمت إسرائيل، هذه نماذج الحركة الإسلامية علي مختلف ألوانها وأطيافها، مانديلا في جنوب أفريقيا أنجز مشروعه السياسي في أقل من عشر سنوات، ورغم سجنه لسنوات طويلة، استطاع أن ينجز مشروعه بخلاف الإخوان الذين لهم الآن ثمانون عاماً بلا شيء، المحصلة النهائية أننا فشلنا.
* لكن لا تنس الضغوط الأمنية والسياسية؟
- الضغوط الأمنية التي كانت تمارس علي الخميني أضعاف ما كانت تمارس علينا، ورغم ذلك نجح نجاحاً كبيراً، وما يمارس علي حزب الله أضعاف ما يمارس ضدنا، وأنا نظرتي للداخل جديدة الآن، لأنني مؤمن بأن الوضع القائم كان السبب، ومن أهم سلبيات التنظيم الخاص، أن الإخوان غُيبوا عن المشاركة في جميع المشروعات القومية الوطنية، منذ اغتيال الشهيد حسن البنا قامت الثورة ولم نشترك في مشروعها القومي، وأصبحنا أعداءها.
* ولكن الإخوان اختلفوا مع الثورة وبالتالي من الطبيعي ألا يشاركوا في مشروعها القومي..؟
- الحروب الضخمة التي خاضتها مصر كلها لم يشارك فيها الإخوان بدءاً من (٥٦ و٦٧ و٧٣ لم يشارك فيها الإخوان، ولم تكن هناك مشاركة في أي مشروع قومي، والمثال عندك ٥٠٠ طالب الآن حصلوا علي قرارات فصل من طلبة الإخوان، وكل ده لأن النظام الخاص يفرض عليك أن تضع إستيكر مكتوباً عليه الإخوان المسلمين، وهذا يعني أنك تخلق عداءً بين الطالب والجامعة، وبعد كده يروح الطلاب يعملوا قضايا ضد أساتذتهم، طب فين «كاد المعلم أن يكون رسولاً»، وهل الحق السياسي في الاتحاد يساوي هذه الإشكالية الضخمة؟!
في النهاية نحن لم نشارك في المشروعات القومية ولم نحقق مشروعنا نتيجة لالتزمنا بتفكير التنظيم الخاص بهذه الطريقة والإدارة، والخلاصة نحن نمر الآن بالنكبة الرابعة، فهذا التنظيم يسعي لإشاعة الفرقة بين صف الإخوان.
الدكتور السيد عبدالستار المليجي، عضو مجلس شوري جماعة الإخوان المسلمين، أحد قيادات الجماعة، علي مدار ٢٠ عامًا، - حسب قوله- تبوأ خلالها العديد من المواقع التنظيمية التي أهلته لمعرفة أسرار الجماعة وأسرار العمل بها،
حيث كان مشرفًا علي المركز العلمي للبحوث والدراسات، الذي يدير الجزء العلمي داخل الإخوان، وكان هدفه جمع العناصر الأدبية والعلمية لإنجاز بحوث ودراسات، كما كان مسؤولاً عن تنظيم دورات لرفع المستوي المهني للقيادات الشابة للجماعة،
وكان من بين مسؤولي اللجنة المركزية داخل الجماعة للاتصال بالمحافظات.. المليجي- كما يقول- تعرض لمحاولة تهميش في الفترة الأخيرة بعد أن اكتشف أن داخل الجماعة «تنظيمًا خاصًا» لا يعرفه جموع الإخوان، يسيطر علي الأموال وعلي صناعة القرار دون أن يعرف ذلك حتي أعضاء مكتب الإرشاد، ويقوده محمود عزت.
رفض المليجي في الحوار مع «المصري اليوم» الكشف عن أسرار قال عنها إنها ستهز «الرأي العام»، الذي لا يعرف حقيقة تنظيم الإخوان المسلمين قائلاً: «سأرويها في كتاب سيخرج إلي النور قريبًا».. عن العلاقات المشبوهة لبعض القيادات ببعض الأجهزة الأمنية، وعن أسرار الأموال التي يتلقاها التنظيم الخاص من الخارج والداخل.
المليجي طلب من «المصري اليوم» إجراء حوار معه وحضر إلي مقر الجريدة ومعه العديد من الأوراق والمستندات الدالة علي كلامه - حسب قوله - من أجل كشف بعض الأسرار.. وعندما سألناه عن السبب وراء كشف هذه المعلومات، ولماذا كان يحجبها طوال الفترة الماضية
قال: «كنت أعتقد أن المرشد العام سيعمل علي ضرب هذا النظام الخاص والفساد، حيث سبق لي أن أرسلت عدة رسائل وكتبت عدة مذكرات له، كشفتُ فيها عن معلومات كان يجب التحقيق فيها، لكن هذا لم يحدث وهو ما دعاني لكشف كل ذلك أمام الرأي العام وفي الكتاب المرتقب وإلي نص الحوار:
* ما حكاية التنظيم الخاص الذي تتحدث عنه.. وهل تقول ذلك لأنك مختلف مع قيادات الجماعة، وتم تهميشك فيها مؤخرًا؟
- كنت أعمل داخل الإخوان كقيادي، وكنت مسؤولاً عن تجنيد الأفراد وضمهم للتنظيم وقيادته، المتمثلة آنذاك في المرشد الراحل عمر التلمساني، وفي إحدي المرات سلمت مجموعة من الأفراد الجدد للمرشد التلمساني علي اعتبار أنه المرشد إلا أنني فوجئت بمصطفي مشهور ينتقدني لأنني سلمت هؤلاء للتلمساني ولم أسلمهم له، فعلمت أن داخل الجماعة مجموعة تعمل لحسابها وتعمل علي إدارة التنظيم بشكل معين، وعندها توقفت أمام هذا التصرف، ولكن لم يخطر علي بالي أن هناك قبضة لبعض القيادات علي الجماعة.
* لكن شهادتك الآن «مجروحة»، خاصة أنك علي خلاف مع قيادات الجماعة؟
- أنا لست علي خلاف مع عموم الإخوان المسلمين، ولكن الخلاف محدود مع التنظيم السري الخاص الذي عاد من جديد لامتلاك مقدرات الجماعة بأساليب غير إخوانية، وكنت أتصور أن الجماعة تخلصت من هذه الأساليب، ففوجئنا بمن يتصرف من وراء قيادة مرشد الإخوان الثالث عمر التلمساني،
فمنذ عام ١٩٨٩ بدأت متاعبي مع فريق التنظيم السري القديم للجماعة الذي جمع لأفراده أعضاء جددًا، أثناء سفر الحاج مصطفي مشهور خارج مصر، وهم من الطلبة المبعوثين إلي الخارج في أوروبا وأمريكا ومن الإخوان المغتربين في السعودية والخليج واليمن، وعمد النظام الخاص إلي بتجنيد هؤلاء في كل موقع،
وأغلب من كان يقوم بهذا الدور أعضاء التنظيم الخاص «قديمًا» سواء كانوا من مجموعة ٥٤ أو ٦٥، وعلي رأسهم الأستاذ محمد البحيري في اليمن، الذي كان يمثل محطة التدريب الأساسية، من خلال عملهم كمبعوثين. واختلافي فقط مع القيادات التي تريد أن تحيي في الجماعة نظام العمل السري الخاص، بينما هناك وجهة معلنة ليس لها علاقة باتخاذ القرار،
وهذا الشكل أضر بجماعة الإخوان المسلمين ضررًا بالغًا، ثانيا أكن الاحترام الشديد للإخوان في الخاص أو في العام، كأفراد، ولكن أرفض أن تقوم مجموعة منهم من وراء القيادة بعمل تنظيم، هذا هو الموقف الذي يمكن أن أعترض عليه، وهذا التنظيم طول عمره في صراع مع الجماعة، وبدأ التنظيم عمله فعليا مع إدارة الحاج مصطفي مشهور للجماعة أثناء مرض مرشد الإخوان الرابع محمد حامد أبو النصر.
* هل ممكن تعريفنا علي هذه المجموعة الخاصة وملامحها؟ وهل هي مسلحة؟
- فكرة التسلح انتهت إلي الأبد من الإخوان، ولكن الفكر الإداري لم يتغير، وهذا هو جوهر التنظيم الخاص، بحيث يعمل الجزء الأكبر من الجماعة تحت الأرض، وقليل منهم من يعمل فوق الأرض، وهذا هو سبب الإشكال مع كل الحكومات المتعاقبة،
لأن هذه الحكومات ترفض مطلقًا أن يكون هناك عمل بشكل سري وخاص، وأيضًا بالدور الذي يؤديه الكيان حيث يتسم بالغموض، وشكل الممارسة لهذا التنظيم أيضًا، والحكومات مستفيدة من ذلك لأنها تريد أن تبقي الإخوان بهذا الشكل حتي تستطيع أن تتعامل مع الجزء السري وليس مع الجزء العلني، علي غير ما يفهم الناس.
* تاريخيا متي بدأ التنظيم الخاص القديم أو الجديد؟
- بدأ مع حسن البنا في الأربعينيات وكانت له أهداف في ذلك، منها حماية المؤتمرات الجماهيرية للجماعة، وكان مع ذلك متسقًا مع البيئة العامة وقتها، لأن كل حزب كان له ميليشيا وهو ما يسمي «لجنة نظام»، عبارة عن تدريب عقلي، وكانت وقتها الأسلحة منتشرة في مصر، وعندما قام ببعض عمليات الاغتيال دون إذن القيادة، التي كان آخرها اغتيال النقراشي تبرأ منهم المؤسس الشيخ حسن البنا،
وقال: «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، وهذا يجسده أحمد عادل كمال أحد قيادات هذا التنظيم في كتابه «النقط فوق الحروف.. الإخوان المسلمون والنظام الخاص»، الذي لايزال علي قيد الحياة حتي الآن، وهذا الكتاب يعتبر من أوثق الكتب التي تحدثت عن النظام الخاص، هذا النظام في عصر حسن البنا استمر عامين فقط وانتهي بوفاة البنا،
وكان من نتائجه اغتيال رئيس الحركة و«مؤسس الجماعة» بسبب اغتيال هذا النظام للنقراشي، رئيس وزراء مصر الأسبق، ووقتها تحول الإخوان من جماعة تدير شؤونها في العلن إلي تنظيم يتحكم فيها.
* وهل خلافك مع الجماعة في هذه النقطة تحديدًا دون غيرها، وما موقعك الرسمي في الجماعة الآن؟
- أنا خلافي حددته في عدد من الرسائل بلغ ١٥ رسالة سميتها «رسائل الإصلاح».. وبشكل مختصر وجود هذا التنظيم «الخاص» وشكل وإدارة العمل وبعض الممارسات، وسوف تكون قريبًا ضمن كتاب في السوق، أما عن موقعي فأنا عضو مجلس شوري الجماعة منذ عام ١٩٩٥.
* هل تعرضت بسبب هذه الأفكار لمضايقات من قبل مسؤولي «التنظيم الخاص»؟
- بلا شك تعرضت لمضايقات، منها علي سبيل المثال الحصار الإعلامي والأدبي الذي يمارسه هذا التنظيم علي شخصي، ولكني كنت علي قدر من المقاومة والتفاعل، كثير من الإخوان ممن تعرضوا لما تعرضت له جمدوا موقفهم بعد هذا الحصار، وأشهرهم إسماعيل الهضيبي، نجل المرشد الثاني للجماعة المستشار حسن الهضيبي، الذي انضم للعمل الإخواني قبل أبيه المرشد الثاني للجماعة بفترة طويلة، وكان أولي له أن يكون مرشدًا عن المأمون الهضيبي، ولكنه استبعد بسبب أفكاره وآرائه.
* النظام الخاص عمليا المفروض أنه انتهي بانتهاء الاحتلال؟
- النظام الخاص للإخوان بشكله القديم هو سبب مصائب الجماعة وهو الذي قتل البنا، عندما قتل النقراشي فكانت عملية اغتيال الشهيد رداً علي ذلك، وهو الذي قام بمحاولة اغتيال الرئيس عبدالناصر، وهذا مؤكد رغم نفي الإخوان لذلك، والشيخ علي نويتو اعترف بذلك، والنظام الخاص الذي عاد قبل سنوات الذي اتحدث عنه هو سبب خراب الجماعة.
* ولكن هذه الاعترافات قد تكون تمت تحت ضغط؟
- هذا غير صحيح.. الاعترافات لم تكن تحت ضغط الشرطة وإنما ضمن تصريحات صحفية.
* ولكن «علي نويتو» نفي هذا الكلام؟
- وكيف ينفيه وهو قاله ضمن وسيلة إعلامية شاهدها الملايين وهي قناة «الجزيرة» ، حتي وإن نفي بعد ذلك، فإذا غابت القيادة فإن التنظيم الخاص يقوم بإدارة الأمور.
* ولكن أشيع عن حادث المنشية أنه دبر، وما قاله الدكتور محمود جامع في روايته الشهيرة من أن عبدالناصر دبر هذه المحاولة؟
- النظام الخاص للإخوان بالفعل حاول قتل الرئيس المصري جمال عبدالناصر، وأنا أتعجب أن الناس غير متصورة أن يقوم النظام الخاص بمثل ما صنع، رغم أن تفكير هذا النظام مقصور علي التنفيذ بالقوة، فعندما تصورو أن جمال عبدالناصر يمثل حجر عثرة، ليس في وجه الإخوان، ولكن في وجه الإسلام ككل، حاول قتله،
وهذا النظام يمثل إشكالية بين الإخوان وجمال عبدالناصر، رغم أن هناك من الإخوان من دخل وعمل مع جمال عبدالناصر، مثل أحمد كمال أبوالمجد والشرباصي، وعبد العزيز كامل كان يكتب رسائل التربية للإخوان، ولم يكن هناك خلاف بين الإخوان والثورة، فالخلاف كان بين الثورة والتنظيم الخاص فقط، فالدولة كانت ترفض أن يكون هناك تنظيم خاص.
* هل هذا النظام الخاص بشكله الحالي الذي تقول عنه إنه امتداد للنظام الخاص القديم؟
- بلا شك هو امتداد للنظام الخاص السابق، خلافي مع هذا النظام الخاص لأنه يجعل الجماعة برأسين، هذا النظام هو نفس النظام القديم، ولكنه يختلف عنه في أنه غير مسلح، نظام خاص بمفهومه القديم، مجموعات من الإخوان تلتقي في السر.. وسأذكر التفاصيل في كتابي القادم.
* من هم أفراد هذا التنظيم؟!
- ما حدث فعلياً أن عمر التلمساني كان يريد أن تبقي الجماعة بمرجعية ترشد الصحوة الإسلامية، كي يوجد نظام إسلامي عام في مصر، علي غرار الجماعات الإسلامية، دون رفع شعار الجماعة، وخضت أنا انتخابات تحت شعار الصوت الإسلامي ضمن قوائم الإخوان، دون رفع الشعار، حيث كان التلمساني يريد أن يبقي علي مسافة واحدة من جميع القوي السياسية، لذلك دخل في تحالف مع الوفد سنة ١٩٨٤، كما كانت هذه هي وجهة النظر التي بايعناه عليها.
كما أن الإخوان عقدوا في منزلي عدة اجتماعات في هذه الفترة مرة يوم حفل زواجي، ومرة أخري في عقيقة نجلي الأول وكان منهم الشيخ عبدالستار فتح الله وعبدالمعز عبدالستار والمطراوي ولم تكن هذه الشخصيات قيادية، ثم مرة ثالثة عندما أنجبت مولودي الثاني اجتمعوا في منزلي وكان منهم مهدي عاكف المرشد الحالي ومحمد العزباوي ومحمد الشناوي ومحمد عبدالسلام شرف وطه الزيات وحسن عبدالعال،
ولم يكونوا أصحاب مواقع تنظيمية في الجماعة، واستمر التلمساني في تنظيم الجماعة علي أفضل وضع دون وجود تنظيم سري حتي عاد مصطفي مشهور ومعه الناس الذين تم تدريبهم في الخارج في اليمن والكويت وأفغانستان ومنهم محمد سعد الكتاتني عضو مكتب الإرشاد ورئيس الكتلة البرلمانية للإخوان والطلاب المبعوثون من الدول الإسلامية، وكان ذلك عام ١٩٨٧ بعدها بدأ التنظيم السري.
* ما الذي حدث بعد عودة مشهور من الخارج؟
- عندما عاد مشهور بكل هذه المجموعة عرفوا أنهم لا يمكن أن يسيطروا لأن واقع الجماعة قد ترسخ مائة في المائة، فبدأوا يجمعون معلومات وافية عن تنظيم الإخوان في مصر وقام هؤلاء بإنشاء شركة سلسبيل، كي يبحثوا طريقة غزو التنظيم وكان كل ذلك من وراء المرشد،
والحقيقة التي لا يعلمها أحد أن هذه المجموعة التي ضمت مشهور ومحمود عزت حالياً، والمتطرفين الذين جاءوا من الخارج كانوا يجمعون معلومات عن التنظيم ووضعوها في شركة «سلسبيل» التي تم الكشف عنها لديروا التنظيم بعيداً عن المرشد العام آنذاك.
* هل كنت عضواً مسؤولاً وقتها؟
- نعم كنت مسؤولاً تنظيمياً ضمن خمسة مسؤولية عن قسم الطلاب، وضمن مسؤولي اللجنة المركزية للاتصال بالمحافظات، كان ذلك عام ١٩٨٩، ففي هذه الفترة اعترض مصطفي مشهور علي تسليمي الأفراد اللي كانوا معي للأستاذ عمر التلمساني، ووقتها لم أعرف أن هناك تنظيمين للإخوان،
رغم أنني مجند للإخوان أصلاً عن طريق الحاج مصطفي مشهور علي أساس أنه وكيل عن الأستاذ عمر التلمساني. لكنه هرب مع عدد كبير منهم محمود عزت وخيرت الشاطر قبل وبعد مقتل السادات مباشرة.
* ولماذا هربت هذه القيادات؟
- لا أعرف كيف هربوا ولكن ما يمكن قوله إنه كان هروباً مشيناً، لأنه لا ينبغي للقيادات أن تهرب بهذا الشكل، المفروض القيادة تتواجد في الميدان حتي اللحظة الأخيرة، وعندي معلومات خطيرة في هذا الشأن، كنت أنا أحد أطرافها لا أستطيع الكشف عنها الآن عن واقعة الهروب وغيرها من الوقائع.
* مَن كان قيادتك المباشرة في ذلك الوقت ومَن الذي هرب؟
- القيادة المباشرة لي كانت الدكتور محمود عزت، أمين عام الجماعة الحالي ومسؤوله المباشر مصطفي مشهور ومسؤول مشهور المباشر عمر التلمساني، بالطبع هرب مصطفي مشهور ومحمود عزت، وعمر التلمساني كان في السجن وقتها.
* متي كان هذا الهروب لقيادات الجماعة؟
- هذا الهروب كان قبل اعتقالات ٤ سبتمبر، وطبعاً معروف أن السادات قتل في ٦ أكتوبر، وهناك علامات استفهام كبيرة حول علاقة هؤلاء القيادات بوزارة الداخلية وأجهزة الأمن، وربما يكون حد قال ليهم يهربوا، كل هذا كان مطروحاً، رغم أنني لم أقصر في أي تكليف للإخوان، وأنا كنت مسؤولاً في قسم الطلاب ولم يكن هناك قرار واضح،
أن أترك القسم، هم صحيح بيعملوا اجتماعات من ورايا، لكن لم يصدر قرار بفصلي، وانتقلت لقسم المهن وأديت فيه سنة ١٩٩٥، وأنشأت نقابة من الصفر أسمها نقابة المهن العلمية ومسؤول عن إخوان نقابة العلميين، وكنت مسؤول بقسم الاتصال الخارجي مع الأستاذ محمد مهدي عاكف، مرشد الإخوان الحالي، لكي نعلم الناس كيف ينشؤون أقساماً في الجامعات وقمنا بزيارات عديدة إلي دول العالم، وكنت مسؤولاً عن الوافدين المصريين في مدينة نصر كلها، إلي أن تم اعتقالي في ١٩٩٥ المعروفة وقضية النقابات، لماذا لم ترسل رسائلك آنذاك للإصلاح كما تقول للقيادات؟
أرسلت رسالة لمصطفي مشهور ضمن ١٥ رسالة تفصيلية للإصلاح، أرسلتها لمكتب إرشاد الجماعة للأسف تعامل مع هذه الرسائل بقدر كبير من الإهمال، وقد شاركت في وضع رؤية للعمل الإخواني ضمن عشر سنوات مقبلة في هذه الدراسة وأنشأت لجنة في ذلك ولم يجعلوني رئيساً، بعد ما خرجت من السجن، كان بموجبها يمكن أن تكون الإخوان أكثر حيوية مما هي عليه الآن ولكن لم ينفذ منها شيء، وهذا ضد تفكير النظام السري للإخوان، عشان يفضل قابض علي الأمور كلها، حتي لا تخرج قيادات فعلية، لازم تمارس عليه، عملية إضعاف، حتي وإن كان خطيب مسجد ومعاه جمهور، فيقومون بتهميشه تنظيمياً، تفكير الشخص الواحد والقائد الواحد.
* ولكن انقطعت مسؤوليتك التنظيمية بعد ذلك؟
- لم تنقطع مطلقاً وأنا مازلت مسؤولاً في نقابة العلميين حتي الآن، ولكن بقية الأقسام الفنية «السرية الآن» أرفض الاجتماع بهم، لأن الذي علمته أن لجان سرية للإخوان، أو بالتحديد تابعة لهذا النظام الخاص، غير اللجان الإخوانية المعروفة، تقوم بتكليف اللجان الإخوانية المعلنة، وأنا شخصياً تعرضت لذلك، عندما فوجئت بمن يعطني أوامر وتكاليفات قال عنها إنها سرية، فهذه طريقة عمل سيئة، تجاوزها الزمن بكثير لأن الأعضاء انتخبوك علي هذا، لا ينفع قانوناً أو أخلاقياً،
لابد أن يكون عملك لهؤلاء الأعضاء فقط وهذا ما لم يحدث من قبل الإخوان في هذه النقابات، فأنت في أي مؤتمر في نقابة الأطباء تشوف نسبة الأطباء كام، وهذا قمة الفشل، وهو فشل مهني ذريع، والأمن علي الأبواب بيكون عارف، ده إخواني من شرق وده من إخوان الجيزة وغيره، تجربة الإخوان في النقابات هتخرج برضه في كتاب ضمن كتاب قريباً
المصرى اليوم تاريخ العدد الجمعة ٢٥ يوليو ٢٠٠٨ عدد ١٥٠٣ عن خبر بعنوان [ عبدالستار المليجي عضو مجلس شوري الجماعة: «٢ - ٢» الإخوان «ورقة» تستخدمها الدولة.. وعددهم لا يتجاوز ١٠٠ ألف بـ«المتعاطفين معهم» ] حوار أحمد الخطيب - منير أديب ٢٥/٧/٢٠٠٨
يواصل الدكتور عبدالستار المليجي شهادته، كما يقول، للرأي العام من خلال «المصري اليوم» ليكشف أسراراً أكد أنه طالما أبلغها للمرشد العام للتحقيق فيها، لكن دون جدوي.
المليجي يكشف في الجزء الثاني من الحوار عن أن بعض القيادات الإخوانية تستخدم «أسماء مستعارة» للهجوم علي آخرين، منها مثلاً ما كتب باسم زهراء بنت المهندس خيرت الشاطر عندما هاجمته في موقع «إخوان أون لاين»، وقال أرسل الشاطر لابنته يلومها علي الرسالة فقالت له عمو محمود عزت هو الذي كتبها وطلب أن أضع اسمي عليها.
وأضاف «الكذب يملأ الجماعة الكل يكذب ليل نهار» فضلاً عن شن حملة تشويه بـ«التهمة الجاهزة» لأي معارض، وهي أنه «يتبع الأمن».
لم يقف المليجي عند التطرق إلي بعض سمات الجماعة، ولكنه كشف عن معلومات وصفها بالـ«خطيرة»، عن التمويل وطريقة الحصول عليه، وكيف يتم السطو عليها من قبل قيادات الجماعة رغم أنها تعلم أن هذه الأموال في حقيقتها «صدقات».
.. الحوار مليء بالمعلومات التي قد يكشف عنها لأول مرة من قيادي يعمل في التنظيم علي غير العادة.. فإلي نصه:
* بداية أنت مهمش الآن داخل الجماعة، ومنذ فترة يقول «الإخوان» إنك بعيد عن المواقع التنظيمية فما ردك؟
- أنا لم يهمشني أحد أنا معي شهادة من قبل الأجهزة الأمنية في محكمة عسكرية بأنني أدير جماعة الإخوان علي خلاف القانون فكيف يهمشني الآخرون من داخل الجماعة ويصفونني مثلا بأنني لست إخوانياً.
* ولكن المرشد عاكف قال إنه لا يعرف أحداً اسمه السيد عبدالستار المليجي؟
- هذا غير صحيح لأنه قال «كلام حلو» في حقي وقال إنه اشتغل معي وقال إنني كفء، عندما عملت معه في قسم الطلاب، وأنا أشكره علي هذا، وقال أيضاً إن موقفي في المحاكمات العسكرية أغضب الإخوان، رغم أن رسالتي محورها «أموال الإخوان من أين وإلي أين»، وكنت قد أرسلتها قديما من قبل المحاكمات العسكرية، وضبطتها مباحث أمن الدولة في منزل أحد قيادات الإخوان أثناء احتفاظه بها في منزله، وتم نشرها في الأهرام.
* ولكن الزهراء خيرت الشاطر انتقدتك علي الموقع الرسمي للجماعة بسبب هذه الرسالة؟
- للأسف الزهراء لم تنتقدني كما يظن البعض، ولكن الذي قام بتوجيه هذه الانتقادات هو الدكتور محمود عزت، أمين عام الجماعة، لأن خيرت الشاطر أرسل يلوم ابنته علي هذه المقالة، فقالت له أنا لم أكتب هذه المقالة ومحمود عزت هو من كتبها، وطلب أن أضع اسمي عليها.
* البعض كان يشير بشكل خفي إلي أنك تتعامل مع الأجهزة الأمنية؟
- هذا كلام غريب ولم يحدث بالطبع وهو اتهام جاهز لكل من يختلف مع أحد من القيادات في الإخوان، بل عندما تتأمل تجد أن التنظيم الخاص كان أكثر نقاط الاختراق للجماعة، مثلاً الحاج مصطفي مشهور حمل كل أوراق الإخوان ومشي في شارع كان لا يجب أن يسير فيه، وبالتالي عرف كل شيء عن الإخوان بسبب هذا الخطأ، وفي سلسبيل كان نفس الأمر، حيث تتبعتهم مباحث أمن الدولة من خلالهم وهم يجمعون المعلومات، ثم قبضت عليهم، وكانت بمثابة الكنز لهذه الأجهزة، وهم دائماً فشلة،
وعندما دبروا لاغتيال جمال عبدالناصر فشلوا، ولما «العيال» الصغيرة بتوع الجماعة الإسلامية حاولوا اغتيال السادات نجحوا، لأنه كان هناك فرق في الأداء، حتي الأداء الإجرامي هم ليسوا «شاطرين» فيه، ولا حتي الأداء التنظيمي، ولا لديهم كفاءات كبيرة، فهو ادعاد أكثر منه حقيقة، والشيء الذي يستخدمونه لتجنيد أفراد جديدة هو تشويه سمعة الآخرين، كما أن الكذب لديهم مباح، لأنه بيقولك في سبيل الله، وهم يقولون ذلك في حق، فكثيرا ما أسمع سباباً من هذه القيادات، وبعضهم كان يكتب عنا تقارير في السجن ويرسلها للقيادات، ولما خرجت من السجن وجدت كل الوجوه مكشرة لي بسبب هذه التقارير الكاذبة.
* قلت إن الدكتور محمد حبيب «مجرد ديكور».. ورغم كونه نائب المرشد.. فإن الآخرين هم الذين يقودون.. ماذا تعني بذلك؟
- نعم، هذا صحيح، لأن حبيب رجل محترم، ولكن ليست لديه عزوة إخوانية.
* ولكن حبيب كان مسؤول المكتب الإداري في أسيوط بالصعيد؟
- محمود حسين أزاح محمد حبيب، لأن الأخير دمياطي والأول أسيوطي، مع أن المعروف أن حسين لم يعش في أسيوط وهو من مواليد فلسطين، لأن والده الأسيوطي هاجر إلي فلسطين في العشرينيات، وأنجب أولاده جميعاً هناك، ولم يعد حسين إلي أسيوط إلا بعد حصوله علي الثانوية العامة من غزة، وفي هذا الوقت كان حبيب يقود عملاً إسلامياً ملموساً في نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط وعندما اشتكي حبيب للتملساني من منافسه حسين في أسيوط طيب التلمساني خاطره، وقال له تعالي اشتغل معانا في مكتب الإرشاد.
* البعض يذكر أنك تعرضت لمضايقات داخل السجن بسبب خلافاتك الدائمة مع قيادات الجماعة داخل السجن؟
- الخلافات الدائمة كانت بين محمد السروي ومحمود عزت، وهما من كانا يكتبان تقارير دائماً في الإخوان من داخل السجن.
* وما أبرز انتقاداتك التي وجهتها حول أموال الإخوان؟
- أنا بالفعل انتقدت أموال الإخوان في رسالة «أموال الإخوان من أين وإلي أين» والتي أرسلتها لمكتب الإرشاد وطالبت بأن نعرف منافذ صرف هذه الأموال.
* ومن أين تأتي هذه الأموال؟
- هي مجرد تبرعات تأتي من الداخل والخارج، والتنظيم السري يقول لن نعلن عنها من أجل الحصار الأمني، وأنا أطالبه بأن يعلن ميزانية ويشارك فيها مجلس شوري الإخوان بالقبول أو الرفض، لنعرف أين تصرف، فالمفروض مجلس شوري الإخوان يكون من صلاحياته أن يعطي ضوءا أخضر لإنفاق هذه الأموال، لأن هناك أناساً فقراء جدا في الإخوان، وأصبحوا فجأة أغنياء، وليس لديهم قدرات، واتضح أنهم بيحصلوا علي فلوس التبرعات ليعملوا بيها استثمارات، وفور وفاة الشخص، الفلوس بتضيع علي الإخوان، لأن أولاده بيورثوها والقيادات الأمنية قامت بالقبض علي الكثير من الإخوان، وأخذت فلوس الكثير، مثلما قبضت علي أحد الإخوان وأخدت من خزانته ٢٧٠ ألف دولار و٢٠٠ ألف جنيه عند آخر ولذلك أنا أتساءل كيف تدار الحركة المالية داخل الجماعة، وكيف يتم التعامل مع التبرعات التي تأتي للإخوان، خاصة أن هناك متدينين يتبرعون للصدقة وليست كل هذه التبرعات من أموال الإخوان، فالمتعاطفون الذين يتبرعون كثيرون، فبالتالي من حق الناس معرفة أوجه إنفاق هذه الأموال وفقراء الإخوان لا أحد يسأل عنهم،
والتنظيم السري بياخد الأموال، الدكتور محمد سعد الكتاتني، مسؤول الكتلة البرلمانية للإخوان أنشأوا له مركزاً علمياً في المنيل فور وصوله من الخارج وتم إنشاء شركة كمبيوتر له، لأنه «متظبط» من الخارج ضمن مجموعة التنظيم السري، بينما المسؤول عن المحافظة كلها الشخص الكبير الدكتور علي عمران فقير ولا يجد أي مساندة، فهذه الأموال تستخدم للإفساد التنظيمي داخل الإخوان، وكل هذا حرام شرعاً.
* معني هذا أن هناك لغزاً كبيراً في الأموال حتي داخل التنظيم نفسه.. فضلاً عن سؤال الرأي العام الدائم عن حجم هذه الأموال ومصدرها؟
- الإخوان تستطيع أن تطلق عليهم ظاهرة «أندر كنترول»، أي تحت الضبط الحكومي، فالإخوان ليسوا فاعلا، ولكنهم مفعول به والدولة تستخدمهم كورقة، فالإخوان ورقة سياسية تستخدمها الدولة في الوقت المناسب وتحرقها في الوقت المناسب، ولذلك يرفضون التقدم بإنشاء جمعية كي لا تحدد مصارف الأموال، وهذه طبيعة النظام الخاص، لا يريد أي رقابة تمنح وتمنع، والنائب الأول للمرشد محمد حبيب يؤكد أنه أشرف علي انتخابات مكتب الإرشاد الأخيرة، وهذه طبيعة السرية داخل هذا التنظيم،
مع العلم بأن الإخوان ليسوا علي دراية بهذه الانتخابات تماما ولا توجد أصلاً كشوف ناخبين ولا أحد يترشح، ولا توجد أي آلية ولا حد يعرف مواعيد الانتخابات، وفي انتخابات مجلس الشوري في ١٩٩٥، كان قد نجح ٥٠ عضو مجلس شوري وفجأة تمت إضافة ٣٠ آخرين ولما سألنا عن هؤلاء الثلاثين قالوا لنا إن هؤلاء كانوا أعضاء بمكتب الإرشاد، وبالتالي من حقهم المشاركة في التصويت والاجتماع مع مجلس شوري الجماعة.
* ولماذا لم تظهر انتقاداتك هذه في وقتها؟
- لأنني شاري الإخوان لحد وقت متأخر، وأحاول أن أصلح من الداخل، ومش لازم كل حاجة أعلنها، ويهمني جموع الإخوان التي لا تعرف، لأنها هي التي تحمي الإخوان وتتبرع لها.
* ولكنك مازالت تنتمي للإخوان؟
- نعم، وسأبقي حتي لو عملت جمعية جديدة اسمها الإخوان المسلمين.
* ما فكرة الجمعية التي ترغب في الإعلان عنها بديلا لوجود تنظيم الإخوان؟
- الفكرة أن وجود التنظيم بشكله الآن غير شرعي وغير قانوني، ويستحيل بعد هذه السن والوضعية الاجتماعية أن أتعامل علي خلاف القانون، فكيف أطالب بدولة مدنية وبعد ذلك أتعامل علي خلاف القانون، لابد من اكتساب القانونية، ومن هنا كانت فكرة إنشاء الجمعية حتي يكون هناك وجود شرعي.
* وهل تعتقد أن الدولة ستوافق علي ذلك؟
- ليس بالضرورة أن توافق الدولة، ولكن عليك أن تتقدم، وفي حال رفضها توضح عوار الدولة، ولا تقول أنا لو قدمت الدولة هترفض، لو أردت أن تمارس السياسة فطريقك الحزب السياسي ولا تقول إن اللجنة الموجودة أنا مش راضي عنها، لأن ذلك ليس من سلطتك، ولكن من سلطة مجلس الشعب، ولابد أن تقدم علي حزب، وكيل مؤسسين وألف عضو معاه وبرنامج من خمس ورقات، وتقدم للجنة التي تقول رأيها،
وأذكر أنني اختار الاسم اللي عاوزه، وطالما أنت الذي لم تتقدم لإنشاء حزب إذن أنت المخطئ ، وأذكر أنني قدمت قبل ذلك لحزب سياسي، وعملت مشكلة مع حزب الوسط وتراجعت عن إنشاء الحزب ولذلك كان البديل هو الجمعية الخيرية، وسوف أتقدم بها خلال هذا العام، وهذه الفكرة تروق للكثيرين من الإخوان، وإن كان الإخوان غير معتمدين علي هذا الشكل من ٣٥ سنة، حيث لا توجد عقلية سياسية لدي الإخوان، فهم يظنون أنهم يحملون راية الإسلام بمفردهم.
* وأين محمد مهدي عاكف من كل هذا؟
- ليس بيده إدارة الأمور في الجماعة فمحمود عزت، أمين عام الجماعة، وصبري عرفة ومحمود غزلان، هم العناصر بارزة العداء لما هو مألوف في الإخوان، وهي التي تقود.
* ولماذا أنت تصر علي العمل مع الإخوان رغم استبعاد الجماعة لك من العمل العام؟
- أنا لجأت للعمل من خلال الحركة المصرية من أجل التغيير كفاية، لأنني قلت للإخوان أنتم لا تعملون شيئاً، وكنا علي عهد بأنهم يعاونون كفاية ويدعمون وقفاتها الاحتجاجية، علي سبيل المثال، لكنهم استصغروا حجمها واستقلوا بها حتي حدثت المحاكمات العسكرية فقالوا إن كفاية لا تقف معهم، فكيف تطلب منهم ذلك وأنتم أول من تخلي عنهم، ورغم ذلك كتبت حركة كفاية أكثر من بيان تندد فيه بالمحاكمات العسكرية تفضلا منها، وكان من حقها أن تسكت، والغريب أن الإخوان قاموا بتشكيل جبهة أخري مثل كفاية سموها الجبهة الوطنية «المهلبية» وفشلت فشلا ذريعا.
* ولماذا لم يشاركوا مع كفاية ولم يدعموها؟
- كانت حجة الإخوان أن هذا التشكيل سيسحب بساط الحركة المصرية من تحت أقدام الإخوان وأنت تنظيم كلاسيكي راكد لا تنسحب، أصرف من عندك شوية ناس عشان يساندوا الحركة، وكان الإخوان يقولون عن كفاية إنهم شوية عيال ولا توجد أحزاب ومفيش حد في مصر غيرنا، وهذا وضع صغير وغير عادل.
* وكم عدد الإخوان في تقديرك وأنت أحد قيادات هذا التنظيم؟
- علي غير ما يتوقع الناس فالإخوان لا يتجاوز عددهم الـ ١٠٠ ألف بالمحبين والمتعاطفين وجيران المحبين والمتعاطفين والإخوان العاملون لا يتجاوز عددهم ٥ آلاف إخواني منهم ٨٥ أعضاء في مجلس الشوري، وهناك أكثر من عشر محافظات لا يوجد بها إخوان أصلاً، والجماعة تروج أن عددها كبير، وهذا غير حقيقي، وعندما تكون هناك مظاهرة في ميدان التحرير يأتي لها من أربع محافظات فيظهر أن عددهم كبير وهو ما تفعله الجماعة.
* ألا تري أن كلامك هذا ينهي علاقتك بالإخوان كتنظيم؟
- هذا غير صحيح، لأنني مع الإخوان كقواعد وأدافع عنهم واستخلص حقوقهم من اللي أخذوها وضد التنظيم الخاص السري الذي نحا بالجماعة هذا المنحي وأدخلها هذه المتاهات، وهو تنظيم محظور وأموال مأخوذة وقيادات في السجن، وهذه نهاية لا يمكن أن نتصورها.
* عودة للمقالة التي وضع محمود عزت اسم الزهراء خيرت الشاطر عليها وكانت تحمل انتقادات لك، هل الإخوان يلجأون لمثل هذه الوسيلة من التعامل؟
- نعم يلجأون لهذه الوسيلة وليت الأمر يقتصر علي المقالات، بل يتطور إلي كتب يضعون عليها أسماء غيرهم، مثل كل كتب التربية الموجودة الآن، ومثل كتب التربية المكتوب علي بعضها سعيد جمعة رغم أن مفيش حد اسمه سعيد جمعة في الأساس، وهذه كلها أساليب رخيصة.
* وما رأيك في برنامج حزب الإخوان؟
- أولاً هذا البرنامج كان لابد أن يعرض علي مجلس شوري الجماعة، حيث يعتبر الجهة المعنية بالنظر في مثل هذه القضايا وليست المكاتب الإدارية، لأنه عارف مجلس الشوري ده لو اجتمع لن يوافق علي ما يطرح، فبالتالي هو بيتعامل بسياسة «اللي تغلبه العب به»، فبالتالي يتخطي اللائحة ويغير فيها ما يريد وتفاجئ وأنت تجري عملية انتخابية أنها تمت علي غير ما تريد، وغندما تقول ليه كده، يقول أصل اللائحة تغيرت، ومن اللي غيرها يقولك الإخوان، كلمة مبهمة.
* كيف أجريت انتخابات مكتب الإرشاد الأخيرة؟
- ليس لدي علم بذلك، رغم أنني عضو مجلس شوري، والنظام السري في الجماعة لا يصلح معه أن تكون هناك انتخابات، وهو ليس في حاجة لانتخابات، لأن الإخوان لديهم من الأعراف الكثير، ولكن الأعراف تلفظ العمل السري الخاص، علي طريقة النظام الخاص الذي أربك الجماعة علي مدار التاريخ، ولذلك هو يجد في الوقت الحالي فرصة له أفضل، ويبحث عن مشروعية غير حقيقة.
* وكيف تقيمّ آداء ونتائج جماعة الإخوان المسلمين بعد هذا العمر المديد؟
- الجماعة عندما أنشأها مؤسسها الأول حسن البنا كانت تريد إقامة الخلافة الإسلامية سنة ١٩٢٨، رغم أن الإمام الخميني أنشأ دولته في عشر سنوات فقط، وهذه قدرة علي الإنجاز، وأصبحت إيران أقوي دولة إسلامية علي الإطلاق حربياً وتكنولوجياً واقتصادياً، وتقف أمام أمريكا الآن، ومنظمة صغيرة اسمها حزب الله هزمت إسرائيل، هذه نماذج الحركة الإسلامية علي مختلف ألوانها وأطيافها، مانديلا في جنوب أفريقيا أنجز مشروعه السياسي في أقل من عشر سنوات، ورغم سجنه لسنوات طويلة، استطاع أن ينجز مشروعه بخلاف الإخوان الذين لهم الآن ثمانون عاماً بلا شيء، المحصلة النهائية أننا فشلنا.
* لكن لا تنس الضغوط الأمنية والسياسية؟
- الضغوط الأمنية التي كانت تمارس علي الخميني أضعاف ما كانت تمارس علينا، ورغم ذلك نجح نجاحاً كبيراً، وما يمارس علي حزب الله أضعاف ما يمارس ضدنا، وأنا نظرتي للداخل جديدة الآن، لأنني مؤمن بأن الوضع القائم كان السبب، ومن أهم سلبيات التنظيم الخاص، أن الإخوان غُيبوا عن المشاركة في جميع المشروعات القومية الوطنية، منذ اغتيال الشهيد حسن البنا قامت الثورة ولم نشترك في مشروعها القومي، وأصبحنا أعداءها.
* ولكن الإخوان اختلفوا مع الثورة وبالتالي من الطبيعي ألا يشاركوا في مشروعها القومي..؟
- الحروب الضخمة التي خاضتها مصر كلها لم يشارك فيها الإخوان بدءاً من (٥٦ و٦٧ و٧٣ لم يشارك فيها الإخوان، ولم تكن هناك مشاركة في أي مشروع قومي، والمثال عندك ٥٠٠ طالب الآن حصلوا علي قرارات فصل من طلبة الإخوان، وكل ده لأن النظام الخاص يفرض عليك أن تضع إستيكر مكتوباً عليه الإخوان المسلمين، وهذا يعني أنك تخلق عداءً بين الطالب والجامعة، وبعد كده يروح الطلاب يعملوا قضايا ضد أساتذتهم، طب فين «كاد المعلم أن يكون رسولاً»، وهل الحق السياسي في الاتحاد يساوي هذه الإشكالية الضخمة؟!
في النهاية نحن لم نشارك في المشروعات القومية ولم نحقق مشروعنا نتيجة لالتزمنا بتفكير التنظيم الخاص بهذه الطريقة والإدارة، والخلاصة نحن نمر الآن بالنكبة الرابعة، فهذا التنظيم يسعي لإشاعة الفرقة بين صف الإخوان.
تاريخ الاخوان الاسود الحلقة 50 جرائم التنظيم السرى للاخوان
الأخوان المسلمين فى مصر لهم تاريخ أجرامى (1) طويل بدأ في يناير 1948 م أعلن البوليس أنه اكتشف بمحض الصدفة مجموعة من الشبان تتدرب سراً على السلاح في منطقة جبل المقطم، وأنه بمداهمة المجموعة - التي قاومت لبعض الوقت - ضبط البوليس 165 قنبلة ومجموعات من الأسلحة، وقال زعيم المجموعة سيد فايز (وكان اسمه جديداً تماماً على البوليس برغم أنه كان أحد القادة الأساسيين للجهاز السري) "إن السلاح يجري تجميعه من أجل فلسطين وإن الشباب يتدرب من أجل فلسطين".
في 22 مارس 1948 عندما يقتل اثنان من الإخوان المستشار أحمد بك الخازندار، وذلك بسبب إصداره حكماً قاسياً على أحد أعضاء الجماعة سبق أن اتهم بالهجوم على مجموعة من الجنود الإنجليز في أحد الملاهي الليلية، ويكتشف البوليس الصلة بين الشابين وبين مجموعة المقطم وبين جهاز سري مسلح داخل جمعية الإخوان المسلمين، ويُقبض لوقت قصير على المرشد حسن البنا نفسه، ولكنه لا يلبث أن يُفرج عنه لعدم توافر الأدلة.
في 20 يونيو 1948 اشتعلت النيران في بعض منازل حارة اليهود، وفي 19 يوليو تم تفجير محلي شيكوريل وأركو وهما مملوكان لتجار من اليهود، ويكون الأسبوع الأخير من يوليو والأول من أغسطس هما أسبوعي الرعب بالقاهرة حيث تتوالى الانفجارات في ممتلكات اليهود وتهتز المرة تلو الأخرى شوارع قلب العاصمة بتفجيرات عنيفة راح ضحيتها الكثيرون، وخلال أسبوعين دمرت محلات بنـزايون وجاتينيو وشركة الدلتا التجارية ومحطة ماركوني للتلغراف اللاسلكي .
وفي 22 سبتمبر دمرت عدة منازل في حارة اليهود ثم وقع انفجار عنيف في مبنى شركة الإعلانات الشرقية، وفي 15 نوفمبر ضُبطت سيارة جيب وضعت يد البوليس على اثنين وثلاثين من أهم كوادر الجهاز السري ، وعلى وثائق وأرشيفات الجهاز بأكمله بما فيها خططه وتشكيلاته وأسماء الكثيرين من قادته وأعضائه ، وكان البنا قد أمضى معظم شهر أكتوبر وبضعة أيام من نوفمبر مؤدياً فريضة الحج ليبتعد قليلاً عن إحتمال القبض عليه ، فما أن عاد حتى تعرض للقبض عليه لوجود دليل ضده في سيارة الجيب المضبوطة ، ولمسؤوليته المباشرة عن حادث نسف شركة الإعلانات قبل مغادرته مصر .
والبنا الذي شحن نفوس أتباعه إلى أقصى مدى بالمشاعر الإرهابية والتحريض ضد الحكومة تجاه قضية فلسطين يجد نفسه مطالباً إما بأن يواجه القصر والحكومة ، وإما أن يواجه أتباعه ، وحاول أن يتخذ موقفاً وسطاً، وكان شباب الجامعة من الإخوان وغيرهم يغلي رفضاً للشروط المهينة التي خضعت لها الحكومة في اتفاقية الهدنة في فلسطين ، ولعل البنا حاول أن يلعب بآخر أوراقه (نفوذه وسط طلاب الجامعة)، ليخفف قبضة الحكومة عن عنق الجماعة، وخرج البوليس ليردعهم كعادته، ودارت معارك مسلحة أمام فناء كلية طب القصر العيني أحد مراكز القوة بالنسبة لطلاب الإخوان ، واستخدم البوليس الرصاص، واستخدم الإخوان المتفجرات، وكان حكمدار العاصمة سليم زكي يقود المعركة من سيارته حيث سُددت نحوه قنبلة أصابته إصابة مباشرة، واتهم بيان حكومي جماعة الإخوان المسلمين بقتله، وعلى أثر ذلك، صدر قرار من الحاكم العسكري، (كانت الأحكام العرفية معلنة بسبب حرب فلسطين) بإيقاف صحيفة الجماعة .
وحاول البنا يائساً إنقاذ الجماعة، فاتصل بكل أصدقائه وحتى خصومه، ولعب بكل أوراقه، وحاول الاتصال بالملك، وبإبراهيم عبد الهادي رئيس الديوان الملكي، وبعبد الرحمن عمار (صديقه الشخصي وصديق الجماعة) وكان وكيلاً لوزارة الداخلية، ولأن الشيخ قد فقد أسباب قوته، فقد بدأوا يتلاعبون به، ففي الساعة العاشرة من مساء يوم 8 ديسمبر اتصل به عبد الرحمن عمار وأكد له أن شيئاً ما سيحدث لتحسين الموقف وإنقاذ الجماعة، واطمأن الشيخ وقبع هو ومجموعة من أنصاره في المركز العام ينتظرون "الإنقاذ"، فإذا بالراديو يذيع عليهم قرار مجلس الوزراء بحل الجماعة بناء على مذكرة أعدها عبد الرحمن عمار نفسه!!،
ولما حاول البعض الخروج من مقر المركز العام وجدوه محاصراً، ثم اقتحمه البوليس ليلقي القبض على كل من فيه باستثناء البنا، الذي تُرك طليقاً بحجة أنه لم يصدر أمر باعتقاله، وكانت حريته هذه هي عذابه واشتملت مذكرة عبد الرحمن عمار المرفوعة إلى مجلس الوزراء بشأن طلب حل جماعة الإخوان المسلمين على قرار اتهام طويل يعيد إلى الأذهان كل أعمال العنف التي ارتكبتها الجماعة، حتى تلك التي ارتكبتها بإيعاز من السلطات ولخدمة مصالحها!، وبناء على هذه المذكرة أصدر الحاكم العسكري العام محمود فهمي النقراشي باشا قراراً عسكرياً من تسع مواد تنص مادته الأولى على: "حل الجمعية المعروفة باسم جماعة الإخوان المسلمين بشعبها أينما وجدت، وغلق الأمكنة المخصصة لنشاطها، وضبط جميع الأوراق والوثائق والسجلات والمطبوعات والمبالغ والأموال وكافة الأشياء المملوكة للجمعية، والحظر على أعضائها والمنتمين إليها بأية صفة كانت مواصلة نشاط الجمعية، وبوجه خاص عقد اجتماعات لها أو لإحدى شعبها أو تنظيم مثل هذه الاجتماعات أو الدعوة إليها أو جمع الإعانات، أو الاشتراكات أو الشروع في شيء من ذلك، ويعد من الاجتماعات المحظورة في تطبيق هذا الحكم اجتماع خمسة فأكثر من الأشخاص الذين كانوا أعضاء بالجمعية المذكورة، كما يحظر على كل شخص طبيعي أو معنوي السماح باستعمال أي مكان تابع له لعقد مثل هذه الاجتماعات، أو تقديم أي مساعدة أدبية أو مادية أخرى".
وتنص المادة الثالثة على: "كل شخص كان عضواً في الجمعية المنحلة أو منتمياً لها وكان مؤتمناً على أوراق أو مستندات أو دفاتر أو سجلات أو أدوات أو أشياء أن يسلمها إلى مركز البوليس المقيم في دائرته خلال خمسة أيام من تاريخ نشر هذا الأمر".
أما المادة الرابعة: فتنص على "تعيين مندوب خاص مهمته استلام جميع أموال الجمعية المنحلة وتصفية ما يرى تصفيته، ويخصص الناتج للأعمال الخيرية أو الاجتماعية التي يحددها وزير الشؤون".
ودارت ماكينة العنف البوليسي ضد الإخوان، وافتتحت لهم المعتقلات، وحاول البنا جهد طاقته أن يوقف طوفان المحنة، لكنه كان عاجزاً بالفعل، فالحكومة التي هادنها وهادنته، كانت تضرب بعنف وقوة مصممة على تصفية الإخوان، ورفض النقراشي كل محاولات البنا للالتقاء به، ووجد البنا أن جهازه السري تنقطع خطوط اتصاله، فقد كانت ضربة سيارة الجيب قاصمة بالنسبة لقيادة الجهاز السري، وشبكات اتصالهم، وإذ ضربت قيادة الجهاز فقد البنا اتصاله به، بل وفقد سيطرته على يده الارهابية.
وفي 28 ديسمبر (كانون الأول) وقعت الواقعة وصعدت المأساة إلى أعلى قممها إذ قام طالب في الثالثة والعشرين من عمره (عبد المجيد أحمد حسن) بإطلاق رصاصتين محكمتي التصويب على رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي باشا، وشيع أنصار الحكومة جثمان رئيس وزرائهم هاتفين في صراحة "الموت لحسن البنا".
وأتى إبراهيم عبد الهادي ليدير ماكينة العنف الرسمي إلى أقصى مداها، ولتتسع دائرة الاعتقالات في صفوف الإخوان فتشمل 4000 معتقل، ويتعرض بعض المعتقلين لأقصى درجات التعذيب الوحشي الذي لم تعرف له مصر مثيلاً من قبل، وباختصار "كانت الستة أشهر التالية لتولي إبراهيم عبد الهادي الحكم صورة راسخة في أذهان المصريين جميعاً للسلطة الرسمية الغاشمة، وقد اكتسب عبد الهادي لنفسه خلالها عداء كافة فئات الرأي العام المصري".
وفي الزنازين قامت أجهزة الأمن بتعليق الآية (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقتّلوا أو يُصلّبوا أو تُقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الحياة الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) وهذا ردا على آيات الاخوان التي كانوا يرفعوها ضد الحكومة والملك، لكن الطامة الكبرى جاءت عندما استنكر الشيخ البنا نفسه هذه الأعمال الإرهابية والتي أمرهم بتنفيذها مرارا وتكرارا واتهم القائمين بها بأنهم "ليسوا أخواناً وليسوا مسلمين"! وهنا انهار المتهمون جميعاً، فقد كان صمودهم واحتمالهم للتعذيب يستمد كل صلابته من "البيعة" التي أقسموا بها بين يدي الشيخ أو من يمثله في حجرة مظلمة، فإذا تخلى زعيمهم شيخ الإرهاب عنهم وعن فكرة "الجهاد" كما لقنها لهم، فماذا يبقى؟!، لقد صمد عبد المجيد حسن قاتل النقراشي ثلاثة أسابيع كاملة في مواجهة تعذيب وحشي ضده لكنه ما لبث أن انهار تماماً عندما قرأ بيان الشيخ البنا الذي نشرته الصحف، ويوقع البنا بياناً بعنوان "بيان للناس" يستنكر فيه أعمال رجاله ورفاق طريقه، ويدمغها بالإرهاب والخروج على تعاليم الإسلام.، وبعد يومين من صدور "بيان للناس" قبض على أحد قادة الجهاز السري وهو يحاول نسف محكمة استئناف مصر!، فيضطر الشيخ إلى كتابة بيان أو مقال يتبرأ فيه من القائمين بهذا الفعل بعد مفاوضات مع الحكومة، عنوانه "ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين"! يقول فيه: "وقع هذا الحادث الجديد، حادث محاولة نسف مكتب سعادة النائب العام، وذكرت الجرائد أن مرتكبه كان من الإخوان المسلمين فشعرت بأن من الواجب أن أعلن أن مرتكب هذا الجرم الفظيع وأمثاله من الجرائم لا يمكن أن يكون من الإخوان ولا ن المسلمين"، وليعلم أولئك الصغار من العابثين أن خطابات التهديد التي يبعثون بها إلى كبار الرجال وغيرهم لن تزيد أحداً منهم إلا شعوراً بواجبه وحرصاً تاماً على أدائه، فليقلعوا عن هذه السفاسف ولينصرفوا إلى خدمة بلادهم كل في حدود عمله، إن كانوا يستطيعون عمل شيء نافع مفيد، وإني لأعلن أنني منذ اليوم سأعتبر أي حادث من هذه الحوادث يقع من أي فرد سبق له اتصال بجماعة الإخوان موجهاً إلى شخصي ولا يسعني إزاءه إلا أن أقدم نفسي للقصاص وأطلب إلى جهات الاختصاص تجريدي من جنسيتي المصرية التي لا يستحقها إلا الشرفاء الأبرياء، فليتدبر ذلك من يسمعون ويطيعون، وسيكشف التحقيق ولا ك عن الأصيل والدخيل، ولله عاقبة الأمور".
فماذا بقي من هذا الشيخ الإرهابي لدى جماعته الإرهابية؟، رجاله في السجون يبعثون له يهددونه، ومن بقي خارج السجن يتمرد عليه، وهو يتهم أخلص خلصائه الذين أقسموا له على المصحف والمسدس يمين الطاعة التامة في المنشط والمكره، يتهم "رهبان الليل وفرسان النهار" بأنهم "ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين"، بل ويضطر إلى مديح الحكومة التي تعذب رجاله أشد العذاب، ويقول إنها حريصة على أمن الشعب وطمأنينته "في ظل جلالة الملك المعظم"، بل ويحرض الشعب على التعاون مع الحكومة "للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة"، "رهبان الليل وفرسان النهار" أصبحوا في آخر بيان للشيخ "أولئك من العابثين" وجهادهم أصبح "سفاسف"، ولا يبقى للشيخ ما يقوله، سوى أنه سيطلب تجريده من جنسيته المصرية "التي لا يستحقها إلا الشرفاء الأبرياء"!!، وقرر القتلة أن يُطلقوا الرصاص عليه نعم فعلوا ذلك لكي يتخلصوا ممن خانهم وعراهم وتركهم للبوليس والزنازين، لقد قتل حسن البنا الإخوان المسلمون أنفسهم من خلال جهازهم السري الذي رباه حسن البنا ودربه على الإرهاب والقتل وأعطى قيادته إلى عبد الرحمن السندي أخلص خلصائه، لقد تأكد الجهاز السري للإخوان من خيانة حسن البنا لهم ووقوعه في أحضان البوليس السياسي وأجهزة الداخلية للملك فاروق ولهذا قرروا تصفية هذا الخائن وقتله عقاباً له على بيعه لهم بثمن رخيص في بياناته التي أصدرها للتنصل من جريمته بقتل النقراشي والخازنداره، لقد كان هذا من صميم أدبيات ومبادئ الإخوان، قتل من يخونهم ويبيعهم أو من يحول بينهم وبين السيطرة والاستحلال والقتل، وقد فعلوها مرات عديدة.
لم يكن من مصلحة الحكومة المصرية والملك نهائيا قتل حسن البنا لأنهم كانوا قد تمكنوا منه تماما واشتروه ليعمل لصالحهم، ومن قتله هم إخوانه الخونة بعد خيانته لهم وتنصله من جرائمه وأوامره لهم.، قتله رهبان الليل وفرسان النهار من جماعته الإرهابية المسماة زورا الإخوان المسلمين
تاريخ الاخوان الاسود الحلقة 49 الاخوان وحرب فلسطين
صدور كتاب من 600 صفحة مطبوع طباعة فاخرة، عنوانه "الإخوان وأنا" لفؤاد علام، وشارك في صياغته "كرم جبر" ويشير الكتاب بأن :
ـ حسن البنا في نظر فؤاد علام كان يهوى الزعامة والسلطة، ويسعى إليها مهما كان الثمن، وعشق العمل السري لتحقيق أهدافه، وكان حلمه الذي لم يتحقق أن يصبح خليفة للمسلمين.
ـ أحمد السكري ـ كما يزعم فؤاد علام ـ هو المؤسس الحقيقي لجماعة الإخوان المسلمين سنة 1920م، وسرقها منه البنا وطرده.
والواقع أن ما أشار إليه "العلام" اسمه "الجمعية الحصافية الخيرية" في المحمودية. وكان السكري رئيسًا لها، والبنا سكرتيرًا. أما أول جمعية للإخوان فأسسها حسن البنا سنة 1928م في مدينة الإسماعيلية، وكان المؤسسون ستة من أهل الإسماعيلية، أي أن السكري لم يكن واحدًا من المؤسسين.
الإخوان وحرب فلسطين:
يقول علام : الإخوان وحرب فلسطين من الأكاذيب الكبرى التي اخترعها حسن البنا والذين معه. نسجوا قصص بطولات تتحدث عن تضحياتهم، وشهدائهم، والدماء التي أريقت على أرض فلسطين الحبيبة، وصوروا للبسطاء أنهم هم الذين خاضوا جميع المعارك على تلك الأرض المقدسة.
ولكن الحقيقة غير ذلك تمامًا، لم يقدموا شهيدًا، ولم يطلقوا رصاصة، ولم يريقوا قطرة دماء واحدة، ولم يستطع واحد منهم أن يقدم أي دليل على صدق ما يقول ..".
ويقال أن الأخوان قدموا الغذاء للفيلق المصرى المحاصر من اليهود بناء على قول الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين، وأحمد المواوي، وفؤاد صادق، قائدي الجيش المصري في فلسطين، والسيد طه (الضبع الأسود) قائد الفيلق المصري الذي كان محاصرًا في "الفالوجا" وكان لمعروف الحضري ـ أحد ضباط الإخوان ـ الفضل الأكبر في إمداد الفيلق المحاصر بالأغذية والمؤن.
وهذه الشهادات ـ أو أغلبها ـ ثابتة في سجلات ووثائق القضاء المصري.
وهناك كتاب أحد قادة الإخوان المجاهدين وهو "الإخوان المسلمين في حرب فلسطين" لكامل الشريف ليقرأ جهاد الإخوان في معارك "كفار ديروم" ودير البلح، والعسلوج، وبير سبع، والتبة 86، وفي الكتاب قوائم تضم أسماء شهداء الإخوان.. وهناك الأمريكي ريتشارد. ب ميشيل كتاب عن أطروحته الأكاديمية الموثقة عن جهاد الإخوان في فلسطين، وهو موضوع تناولته أطروحات جامعية في الجامعات المصرية والعربية.
التلمساني والهضيبي:
ويستكمل كتاب علام العبارات الآتية:
ـ لعب عمر التلمساني المرشد العام السابق للإخوان المسملين دور العميل المزدوج بين المباحث والإخوان، ولكنه ضحك على الاثنين معًا.
ـ "دعاة ولسنا قضاة" (كذا) أخطر كتاب لحسن الهضيبي المرشد العام الأسبق للإخوان المسلمين لم يؤلفه الهضيبي، ولم يكتب حرفًا واحدًا فيه، وإنما صنعته مباحث أمن الدولة.
ـ قررت الهيئة التأسيسية للإخوان (120 عضوًا) فصل حسن الهضيبي لعجزه عن التفاهم مع الثورة، وبعد ذلك بأيام قليلة ارتكب أنصار الهضيبي حادث المنشية ردًا على فصل الهضيبي من منصبه".
وجنازة مشهور:
ومصطفى مشهور هو المرشد الخامس للإخوان المسلمين، تولى المرشدية سنة 1996م، وتوفي في: 9 رمضان 1423 (14/11/2002).
ويقول كتاب فؤاد علام في حوار طويل أجراه معه الصحفي أحمد عبد الهادي في 7 أكتوبر سنة 2004م، ونقتطع من هذا الحوار الطويل بعض أقوال علام، ومن حق القارئ أن يعرضها ولو على الحد الأدنى من العقل والواقع:
1 ـ "جماعة الإخوان المسلمين هي أسوأ الجماعات وأخطرها، وأشدها شراسة؛ لأنها تظهر عكس ما تبطن".
2 ـ ما حدث في جنازة مشهور خديعة كبرى، لقد جمعوا شمل المشيعين من القرى عن طريق عبارات مؤثرة عن الإسلام والمسلمين، وضرورة مشاركة المسلمين في جنازة رجل صالح يدعو للإسلام.. فقد تم جمعهم بطريقة مريبة، وخديعة معروفة، يمارسونها على الجميع، وكثيرون ممن جاءوا في الجنازة لا يعرفون حقيقة الرجل الذي جاءوا من أجله.
3 ـ يقولون إن جنازة مشهور بلغت نصف مليون مواطن، وهذا كذب؛ لأن الإخوان لو نجحوا في حشد هذا العدد، فإنهم من المؤكد يمكن أن يسيطروا على الحكم في خمس دقائق، والحقيقة أنهم لم يتجاوزوا الثلاثين ألفًا، جمعهم الإخوان بنزول بعضهم في القرى والمدن بعربات وميكروفونات لحشد المواطنين في الجنازة، وقد جاء كثيرون للمشاركة فيها دون أن يعلموا من هو صاحب الجنازة، وكل ما يعرفون أن السير في الجنازة لله
ـ حسن البنا في نظر فؤاد علام كان يهوى الزعامة والسلطة، ويسعى إليها مهما كان الثمن، وعشق العمل السري لتحقيق أهدافه، وكان حلمه الذي لم يتحقق أن يصبح خليفة للمسلمين.
ـ أحمد السكري ـ كما يزعم فؤاد علام ـ هو المؤسس الحقيقي لجماعة الإخوان المسلمين سنة 1920م، وسرقها منه البنا وطرده.
والواقع أن ما أشار إليه "العلام" اسمه "الجمعية الحصافية الخيرية" في المحمودية. وكان السكري رئيسًا لها، والبنا سكرتيرًا. أما أول جمعية للإخوان فأسسها حسن البنا سنة 1928م في مدينة الإسماعيلية، وكان المؤسسون ستة من أهل الإسماعيلية، أي أن السكري لم يكن واحدًا من المؤسسين.
الإخوان وحرب فلسطين:
يقول علام : الإخوان وحرب فلسطين من الأكاذيب الكبرى التي اخترعها حسن البنا والذين معه. نسجوا قصص بطولات تتحدث عن تضحياتهم، وشهدائهم، والدماء التي أريقت على أرض فلسطين الحبيبة، وصوروا للبسطاء أنهم هم الذين خاضوا جميع المعارك على تلك الأرض المقدسة.
ولكن الحقيقة غير ذلك تمامًا، لم يقدموا شهيدًا، ولم يطلقوا رصاصة، ولم يريقوا قطرة دماء واحدة، ولم يستطع واحد منهم أن يقدم أي دليل على صدق ما يقول ..".
ويقال أن الأخوان قدموا الغذاء للفيلق المصرى المحاصر من اليهود بناء على قول الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين، وأحمد المواوي، وفؤاد صادق، قائدي الجيش المصري في فلسطين، والسيد طه (الضبع الأسود) قائد الفيلق المصري الذي كان محاصرًا في "الفالوجا" وكان لمعروف الحضري ـ أحد ضباط الإخوان ـ الفضل الأكبر في إمداد الفيلق المحاصر بالأغذية والمؤن.
وهذه الشهادات ـ أو أغلبها ـ ثابتة في سجلات ووثائق القضاء المصري.
وهناك كتاب أحد قادة الإخوان المجاهدين وهو "الإخوان المسلمين في حرب فلسطين" لكامل الشريف ليقرأ جهاد الإخوان في معارك "كفار ديروم" ودير البلح، والعسلوج، وبير سبع، والتبة 86، وفي الكتاب قوائم تضم أسماء شهداء الإخوان.. وهناك الأمريكي ريتشارد. ب ميشيل كتاب عن أطروحته الأكاديمية الموثقة عن جهاد الإخوان في فلسطين، وهو موضوع تناولته أطروحات جامعية في الجامعات المصرية والعربية.
التلمساني والهضيبي:
ويستكمل كتاب علام العبارات الآتية:
ـ لعب عمر التلمساني المرشد العام السابق للإخوان المسملين دور العميل المزدوج بين المباحث والإخوان، ولكنه ضحك على الاثنين معًا.
ـ "دعاة ولسنا قضاة" (كذا) أخطر كتاب لحسن الهضيبي المرشد العام الأسبق للإخوان المسلمين لم يؤلفه الهضيبي، ولم يكتب حرفًا واحدًا فيه، وإنما صنعته مباحث أمن الدولة.
ـ قررت الهيئة التأسيسية للإخوان (120 عضوًا) فصل حسن الهضيبي لعجزه عن التفاهم مع الثورة، وبعد ذلك بأيام قليلة ارتكب أنصار الهضيبي حادث المنشية ردًا على فصل الهضيبي من منصبه".
وجنازة مشهور:
ومصطفى مشهور هو المرشد الخامس للإخوان المسلمين، تولى المرشدية سنة 1996م، وتوفي في: 9 رمضان 1423 (14/11/2002).
ويقول كتاب فؤاد علام في حوار طويل أجراه معه الصحفي أحمد عبد الهادي في 7 أكتوبر سنة 2004م، ونقتطع من هذا الحوار الطويل بعض أقوال علام، ومن حق القارئ أن يعرضها ولو على الحد الأدنى من العقل والواقع:
1 ـ "جماعة الإخوان المسلمين هي أسوأ الجماعات وأخطرها، وأشدها شراسة؛ لأنها تظهر عكس ما تبطن".
2 ـ ما حدث في جنازة مشهور خديعة كبرى، لقد جمعوا شمل المشيعين من القرى عن طريق عبارات مؤثرة عن الإسلام والمسلمين، وضرورة مشاركة المسلمين في جنازة رجل صالح يدعو للإسلام.. فقد تم جمعهم بطريقة مريبة، وخديعة معروفة، يمارسونها على الجميع، وكثيرون ممن جاءوا في الجنازة لا يعرفون حقيقة الرجل الذي جاءوا من أجله.
3 ـ يقولون إن جنازة مشهور بلغت نصف مليون مواطن، وهذا كذب؛ لأن الإخوان لو نجحوا في حشد هذا العدد، فإنهم من المؤكد يمكن أن يسيطروا على الحكم في خمس دقائق، والحقيقة أنهم لم يتجاوزوا الثلاثين ألفًا، جمعهم الإخوان بنزول بعضهم في القرى والمدن بعربات وميكروفونات لحشد المواطنين في الجنازة، وقد جاء كثيرون للمشاركة فيها دون أن يعلموا من هو صاحب الجنازة، وكل ما يعرفون أن السير في الجنازة لله
تاريخ الاخوان الاسود الحلقة 48 من هم الاخوان وكيف نواجههم مقال مهم جدا للكاتب أحمد صبحى منصور
مقال مهم جدا للكاتب أحمد صبحى منصور يتناول حقيقة الاخوان وماهيتهم وانسب السبل لمواجهة فكرهم المتطرف الهدام
ـ الكتابات عن الاخوان لا تغوص فى الجذور التاريخية والاصولية. وهذا ما نحول تقديمة فى ايجاز فى هذه المداخلة .
سأضع الموضوع على شكل سؤال وجواب ليكون أكثر تبسيطا.
1) هل الأخوان المسلمون يمثلون الاسلام ؟
بالقطع لا. الاسلام دين ، أى نظرية ومبادىء، وأوامر ونواهى تشمل العقائد والسلوكيات. الاخوان المسلمون فى عقائدهم وسلوكياتهم يتناقضون مع دين الاسلام . أبسط تناقضهم مع الاسلام أن القرآن الكريم يؤكد ان من يستغل الدين لمطامع دنيوية فهو عدو لله تعالى . أى أنهم أعداء الله حين يستخدمون الاسلام مطية للوصول للحكم.
2) هل الاخوان المسلمون يمثلون المسلمين ؟
بالقطع لا. المسلمون الآن ثلاث طوائف كبرى : سنة وشيعة وصوفية. بالاضافة الى طوائف صغرى كثيرة كالقرآنيين والاباضية والبهائية والمعتزلة.
ينتمى الاخوان المسلمون الى طائفة السنة، وهى أكثر المسلمين تعصبا.
3) هل يمثل الاخوان المسلمون كل الطائفة السنية ؟
بالقطع لا . السنيون أربعة مذاهب مشهورة : الأحناف ، المالكية ، الشافعية ، ثم الحنابلة.
الحنابلة هم اشد المذاهب السنية تعصبا. ينتمى الاخوان المسلمون الى المذهب الحنبلى.
4) هل يمثل الاخوان المسلمون كل الحنابلة السنيين ؟
لا . الحنابلة مدارس متنوعة . اكثرهم تشددا مدرسة ابن تيمية. وينتمى الاخوان الى مدرسة ابن تيمية.
5) هل يمثل الاخوان المسلمون مدرسة ابن تيمية ؟
لا. مدرسة ابن تيمية فيها تيارات مختلفة، وأشدها تعصبا الوهابية. والدولة السعودية الراهنة التى أنشأها عبد العزيز آل سعود هى التى أنشأت تنظيم الاخوان المسلمين فى مصر على يد الشيخ رشيد رضا وصديقه الشيخ محب الدين الخطيب وتلميذهما المصرى الشاب حسن البنا سنة 1928 .
6) اذن الاخوان ينتمون الى الوهابية وهى أقلية دينية، فلماذا اكتسبوا كل ذلك النفوذ ؟
بسبب الدولة السعودية التى أنشأت حركة الاخوان المسلمين ، وبتعاونهما معا فى ظل ظروف اقليمية ودولية مواتية اقتنع العالم بأنهم الممثلون للاسلام مع التناقض بين ثقافتهم الدينية وبين الاسلام
7) كيف أنشأ السعوديون الوهابيون حركة الاخوان المسلمين ؟.
عبد العزيز آل سعود هو المنشىء للدولة السعودية الثالثة الراهنة فيما بين 1902ـ 1932 بعد استيلائه على الرياض سنة 1902قام بتجميع شباب البدو وتعليمهم الوهابية وتلقينهم ان الجهاد هو تكفير الآخرين وغزوهم واستحلال دمائهم وأموالهم ونسائهم واحتلال أرضهم ، وان كل من ليس وهابيا من المسلمين فهو مشرك ، وكل يهودى ونصرانى فهو كافر، ولا بد من جهاد الجميع. هؤلاء البدو الوهابيون اشتهروا باسم "الاخوان " وكان اسمهم يرعب الجميع فى الجزيرة العربية والشام والعراق بسبب المذابح التى اعتادوا ارتكابها. وبهم استطاع عبد العزيز توسيع ملكه فضم معظم الجزيرة العربية وهزم اليمن وخرب جنوب العراق والأردن واستولى على الحجاز سنة 1926 .
أراد الاخوان السعوديون الوهابيون بقيادة زعمائهم فيصل الدويش وابن بجاد وابن حيثيلين استمرار غزو العراق ولكن بريطانيا حذرت عبد العزيز وهددته أن لم يكف الاخوان عن الهجوم على العراق، وبنى البريطانيون حصونا على الحدود لتحمى العراق من هجمات الاخوان. اعتبر الاخوان بناء تلك الحصون الدفاعية فى الاراضى العراقية مانعا لهم من استمرار الجهاد وطالبوا عبد العزيز بالتحرك معهم ضدها فرفض خوفا من البريطانيين، فاتهمه الاخوان بموالاة الكفار " الانجليز ".
كان عبد العزيز قد ضم اليه الحجاز بسيوف الاخوان ومذابحهم، وسيطر على موسم الحج والحجاج، فانتهزها فرصة لتكوين تنظيمات اخوانية خارج الجزيرة العربية عوضا عن الاخوان البدو المشاغبين ، ولينشر الوهابية فى بلاد المسلمين مع التركيز على مصر والهند . وعن طريقه تحولت الجمعية الشرعية فى مصر الى الوهابية بدلا عن التصوف، وأنشئت حركة الشبان المسلمين كتنظيم شبه عسكرى نبغ فيه حسن البنا، ثم جماعة أنصار السنة وهى حركة وهابية خالصة يقودها الشيخ الأزهرى حامد الفقى صديق عبد العزيز آل سعود . وفى النهاية أنشئت حركة الاخوان المسلمين بديلا عن اخوان عبدالعزيز وتحمل اسمهم . وكان هدفها المعلن هو التربية الاسلامية ، وهدفها المستتر هو الوصول للحكم لاقامة دولة وهابية. اقامة تلك الجمعيات الوهابية فى مصر قام بها اثنان من الشوام هما رشيد رضا ومحب الدين الخطيب.
8) هذا عن الاخوان المسلمين فى مصر. فماذا حدث للاخوان البدو الوهابيين فى الجزيرة العربية مع عبد العزيز ؟
ثاروا عليه وحاربوه وانتصر عليهم فى معركة السبلة سنة 1929 ، وبعدها وفى سنة 1932 اعطى دولته الجديدة اسم أسرته فأصبحت تسمى المملكة العربية السعودية.
9) كيف سارت العلاقات بين الاخوان المسلمين والسعودية ؟
عن طريق الدعم السعودى استطاع البنا، وهو المدرس الإلزامى البسيط، أن ينشئ خمسين ألف شعبة للإخوان فى العمران المصرى من الإسكندرية إلى أسوان، واستطاع انشاء الجهاز السرى العسكرى الى جانب التنظيم الدولى للإخوان ، وكان من أعمدته الفضيل الورتلانى الجزائرى المساعد الغامض لحسن البنا، وهو الذى فجر ثورة الميثاق فى اليمن لقلب الموازين فيها لصالح السعودية، وقد نجحت الثورة فى قتل الإمام يحيى، ولكن سرعان ما فشلت وتنصلت منها السعودية، ورفضت استقبال الورتلانى بعد هربه من اليمن وظل الورتلانى فى سفينة فى البحرمع الذهب الذى سرقه من اليمن ترفض الموانئ العربية استقباله كراهية لدوره فى اليمن، إلى أن استطاع بعض الإخوان المسلمين تهريبه فى أحد موانى لبنان، وانتقل منها إلى تركيا، ثم ظهر بعد ذلك كالرجل الثانى فى قائمة جبهة التحرير الجزائرية حين توقيع ميثاقها فى القاهرة سنة 1955 وكان بن بيلا فى ذيل القائمة.
واكتشفت الحكومة المصرية ـ بعد ما حدث فى ثورة اليمن سنة 1948ـ خطورة حسن البنا وتنظيمه السرى والدولى وكيف استطاع حسن البنا إجراء ثورة فى اليمن بالريموت كنترول. وبالصدفة وقعت فى ايديهم الوثائق السرية للاخوان المسلمين فيما يعرف بقضية العربة الجيب التى أظهرت الجانب الارهابى الس�R { 9 للاخوان مما سهل القضاء على حسن البنا سياسيا وجسديا سنة 1948 .
ومعروف بعدها موقف الإخوان من تعضيد الثورة والخلاف بينهم وبين عبد الناصر، وهروب معظمهم الى السعودية وخدمتهم للوهابية ونشرها فى العالم الاسلامى. ثم تحالف السادات مع الإخوان، فعادوا للسيطرة على أجهزة الدولة المصرية فى التعليم والثقافة والحياة الدينية والأزهر والمساجد والإعلام تعززهم ثورة السعودية النفطية وسيطرتها الاعلامية والتليفزيونية ، وأفرزوا تنظيمات مختلفة على نسق التنظيم العسكرى فى عهد حسن البنا كان أهمها الجهاد والجماعة الاسلامية. ثم اختلفوا مع السادات، وقتلوه، واستمرت سيطرتهم فى عصر مبارك الذى آثر مطاردة الإرهاب المسلح مع تدعيم النفوذ السعودى والفكرالاخوانى الوهابى وتقديمه على أنه الإسلام.
10) ماذا قدم الاخوان للوهابية والسعودية ؟
عن طريق الاخوان المسلمين المصريين انتقلت الوهابية والنفوذ السعودى إلى شمال أفريقيا غرباً وإلى الشام شرقا والى الجاليات الاسلامية فى الغرب وأمريكا. كما استطاع الاخوان تقديم الفكر الوهابى للمثقفين المسلمين والطبقة الوسطى فى اسلوب عصرى مفهوم يختلف عن اسلوب محمد بن عبدالوهاب الفقهى الاصولى الجاف.ثم صاغوا الوهابية فى شعارات سياسية مقبولة لجماهير المسلمين مثل الاسلام هو الحل وتطبيق الشريعة، دون الدخول فى تفصيلات. أهم من ذلك كله ان الاخوان المسلمين أجهضوا المشروع الإصلاحى التنويرى للشيخ محمد عبده لصالح الهدف السياسى وهو الحكم الاسلامى – فى الظاهر – والوهابى فى الواقع. وبذلك استطاعوا تغيير المناخ لصالحهم فأصبح أكثر تطرفا وتعصبا ضد الغرب والمسيحيين واليهود والمرأة . الدليل على ذلك ان ما كان محمد عبده يقوله منذ قرن من الزمان فى دعوته الاصلاحية أصبح هرطقة وكفرا فى عصرنا الحالى يستوجب القتل.
11 )ما الذى سبب الوقيعة بين الاخوان والدولة السعودية مع اتفاقهما فى العقيدة الوهابية ؟
منذ البداية رفض عبد العزيز منشىء الدولة السعودية الراهنة ومنشىء الاخوان المسلمين ان تعمل حركة الاخوان داخل بلاده محددا عملها فى الخارج فقط. ولكن أدى تطور الأحداث الى هروب معظم الاخوان الى السعودية هربا من اضطهاد عبد الناصر يحملون معهم تربيتهم السياسية القائمة على النفاق وسياسة الوجهين والتقية. تلك هى خلفيتهم الثقافية التى أرساها حسن البنا طبقا لظروف الاخوان فى مصر والمخالفة للطبيعة البدوية فى الجزيرة العربية والتى ظهرت فيها الدولة السعودية. ومن الاختلاف حدث الاحتكاك وأدى الى نمو المعارضة الوهابية داخل المملكة وضد الاسرة السعودية. الاخوان بفكرهم المتطور ساعدوا فى ولادة المعارضة السعودية، فأخذ النظام السعودى وشيوخه الرسميون يهاجمون سيد قطب وجماعته والاخوان، يبينما تمتدحهم المعارضة الاصولية الوهابية.
11) ما هى نقطة الخلاف بين الاخوان والسعوديين ؟
ظروف نشأة الدعوة الوهابية والدولة السعودية تختلف عن ظروف نشأة الاخوان المسلمين تبعا لاختلاف مصر عن نجد. الاخوان النجديون الصحرايون لهم وجه واحد يتميز بالصراحة والجرأة واستباحة الدم علنا. وهذا ما كان مستحيلا على حسن البنا الجهر به ، لذا اتبع سياسة المداهنة وادعاء الاعتدال .عندما ظهر حسن البنا فى مصر بدعوته كانت أغلبية المسلمين المصريين بزعامة الأزهر صوفية يمقتون الوهابية. تسلل حسن البنا الى المجتمع المصرى المسلم المتدين بفكرة تجميع المسلمين حول هدف واحد هو الحكم الاسلامى مع نبذ الخلافات المذهبية وتأجيلها، وعاونه فى فكرته سقوط الخلافة العثمانية وحنين المسلمين الى استعادتها فى ثوب عربى أصيل. واستغل الليبرالية المصرية وافتقارها الى العدل الاجتماعى بأن تسلل للشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى وأوساط الأفندية المتعلمين الحالمين بالعدل والساخطين على التفاوت الطبقلى فاجتذبهم الى فكرة الحل الاسلامى بديلا عن العلمانية الشيوعية والغربية.كان يتحدث لكل فريق باللغة التى يؤثرها متبعا طريق التقية الشيعية ، وكان يرفع لواء التسامح والاعتدال محتفظا فى نفس الوقت بتنظيمه السرى المسلح ليتخلص من خصومه فاذا افتضح امر بعضهم تبرأ منهم على الملأ قائلا : "ليسوا اخوانا وليسوا مسلمين". هذا ما تربى عليه الاخوان على يد حسن البنا طيلة عشرين عاما {1928 ـ 1948 }. وبهذا الفكر تسللوا الى الأحزاب السياسية المعلنة والتنظيمات الشيوعية السرية وخلايا الضباط الأحرار الذين قاموا بانقلاب 1952 . وكان لا بد ان يحدث الاصطدام بينهم وبين عبد الناصر وهو الأعرف بهم حيث كان منهم يمارس نفس اللعبة. تغذى بهم عبد الناصر قبل ان يتعشوا به فهاجر معظمهم للسعودية التى كانت تواجه عبد الناصر ومشروعه القومى اليسارى.
فى السعودية عملوا فى خدمة الوهابية فاكتشفوا تسلط الأسرة السعودية وعنصريتها وفسادها. العادة فى الدولة الدينية أن الحاكم يستمد سلطته السياسية من الفقيه. وهذا ما حدث فى الاتفاق المشهور بين محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب. ابن عبد الوهاب الفقيه أعطى الشرعية الدينية لابن سعود أمير الدرعية ليغزو ويحتل ويحكم باسم الشرع. وبذلك أصبحت الوهابية هى مصدر الشرعية للسلطة السياسية للأسرة السعودية. وصارت أسرة الشيخ {ابن عبد الوهاب } تسير فى ركاب الأسرة السعودية الحاكمة. الاخوان الوهابيون الذين ثاروا على سيدهم عبد العزيز قالوا ان مصدر السلطة هو الوهابية وليس الأسرة السعودية، لكنهم كانوا مجرد جنود غير مؤهلين للجدل الفقهى فىمواجهة فقهاء عبد العزيز. عبد العزيز فى خلافه مع الاخوان الثائرين عليه حسم الموضوع بأن شرعيته فى الحكم ليست مستمدة من الوهابية ولكن من حقه فى استرداد ملك أسلافه الذين أقاموا الدولة السعودية الأولى والثانية . عبد العزيز بهذا أعلى أسرته السعودية على الدعوة الوهابية نفسها ثم أعطى الدولة اسم اسرته. برز هذا الاستعلاء الملكى السعودى أكثر بعد موت عبد العزيز ودخول مملكته عصر النفط وزعامة أسرته للعالم الاسلامى وتحالفها مع امريكا. تجلى هذا الاستعلاء فى تعامل الدولة السعودية مع العرب الوافدين ومنهم الاخوان المسلمون، مما أعاد التفكير فى الفجوة بين الحكم السعودى ومبادىء الوهابية التى ينبغى على الاسرة السعودية الانصياع لها. لم يكن الاخوان المسلمون وحدهم الذين يشعرون بالدونية داخل المملكة السعودية، شعر بها أيضا المتعلمون من أبناء المملكة الذين تخرجوا فى جامعات الغرب ففوجئوا عند التوظيف انهم ليسوا من أهل الثقة مهما كان نبوغهم لأن الدرجات العليا مقصورة على الاسرة السعودية و تحالفاتها القبلية. تقارب الساخطون من الاخوان المسلمين ومن الشباب السعودى المثقف المتدين بالوهابية، ونشأ جيل جديد من الوهابيين السعوديين متأثر بسيد قطب وآرائه الحادة اكثر من تأثره بالفقهاء الرسميين فى النظام السعودى. هذا الجيل السعودى الوهابى أخذ التقية عن الاخوان المسلمين وتحرك فى هدوء تحت السطح ، ومع تراكم الفساد والانحلال فى الاسرة السعودية وتحالفها مع امريكا أثمرالطرح الاخوانى تطورا فى العقلية الوهابية لدى هذا الجيل فأخذ يهمهم بتكفير الحكام السعوديين طبقا للتكفير العام الذى نادى به سيد قطب. جاءت الفرصة لهم بالجهر بالمعارضة بعد احتلال صدام للكويت وصرخةالأسرة السعودية تستنجد بأمريكا لتنقذها من غزو صدام لتؤكد عدم أهليتها للحكم بعد عجزها عن حماية الشعب بعد كل ما أنفقته من بلايين فى شراء السلاح بالملايين . تولدت المعارضة السعودية من رحم حرب الخليج متأثرة بالانفتاح على الاخوان.
هوجم الاخوان من شيوخ الوهابية الرسميين السعوديين، الا ان هؤلاء الشيوخ انفسهم تعلموا النفاق والتظاهر بالاعتدال فى مدرسة الاخوان. يقابلون الغرب بالحديث عن سماحة الاسلام والتبرؤ من ابن لادن ثم يتحدثون عن استمرارية الجهاد بالمفهوم الوهابى.
12) هل يؤثر هذا الخلاف على العلاقة بين السعوديين والاخوان ؟
لم يؤثر فى الثقافة المتفق عليها بينهما وهى الوهابية. هما يعملان معا فى نشر وتعميم الوهابية كممثل للاسلام.. يقدم الاخوان الفكر والخبرة البشرية ويقدم السعوديون النفوذ السياسى والامكانات غير المحدودة فى السيطرة على القنوات الفضائية والصحف ودور النشر والانتاج الدرامى والثقافى والمساجد والمعاهد ومراكز البحوث والدعوة والتنظيمات العلنية والسرية والرسمية داخل وخارج العالم الاسلامى. وبجهدهما معا تم تغيير المناخ فىمعظم بلاد المسلمين ليكون اكثر ميلا للعنف والتعصب وكراهية الغرب وغير المسلم ورفض الاصلاح الدينى للمسلمين من داخل الاسلام ورفض الديمقراطية.
13) ما هى الاستراتيجية السياسية للاخوان ؟
تتلخص فى كلمة واحدة هى التربية الثقافيةالدينية للفرد والمجتمع وصولا الى اخضاعه للسمع والطاعة بدون مناقشة لولى الأمر وفق مبدأ الحاكمية الذى يؤمنون به كعقيدة دينية وسياسية. لو قيل للاخوان الآن تعالوا احكموا لرفضوا الحكم ، لأنه سيكون امتحانا يعرفون مقدما انهم سيخسرون فيه. فى موقع الحكم سيكونون فى متناول النقد والمعارضة ومطالبون بتنفيذ الوعود السياسية فى كيف يكون الاسلام هو الحل وكيف يتم تطبيق الشريعة .هم ليسوا مؤهلين للحكم الديمقراطى اذ لا يعرفون الا الحاكمية التى تعنى أن يكون الحاكم مسئولا فقط أمام الله تعالى يوم القيامة باعتباره الراعى والشعب هو الرعية او الاغنام.
14) ولكن بعض الحركات الاسلامية السياسية وصلت للحكم وتركته وفق تبادل السلطة وقواعد الديمقراطية.. لماذا لا يكون الاخوان كذلك خصوصا وهم يعلنون رضاهم بالديمقراطية ؟
الحركات السياسية الاسلامية التى تقبل الديمقراطية وتتعامل معها ايجابيا تنتمى الى التدين الصوفى المنتشر فى بلادها من تركيا الى ماليزيا واندونيسيا وسنغافورة وبنجلاديش. قلنا ان المسلمين طواف ثلاث كبرى سنة وشيعة وصوفية. السنة أكثرهم تشددا والوهابية هم الأكثر من السنيين تشددا. الصوفية المسلمون اكثر مسالمة واكثر اعترافا بالتعددية ، بل ان التصوف يقوم على اساس التفرق الى طرق صوفية تتفرع وتتفرع الى طرق أكثر وأكثر. ولهذا فالديمقراطية واردة فى تدين التصوف الذى يعترف بالتعددية ويتسامح مع المختلف فى الدين .
15) ولكن الاخوان المسلمين يشجبون الارهاب يعلنون تمسكهم بالديمقراطية وحقوق الانسان وحقوق الأقباط وحرية الرأى والمعتقد وحقوق المرأة .
هى نفس سياسة النفاق التى كان يخدع حسن البنا بها المصريين فى عهده.
16) كيف نتأكد انهم مخادعون ؟ أو كيف نكشف توجهاتهم الحقيقية؟
بأن لا نكتفى بالسؤال، أى نحول السؤال الى استجواب ونقاش علنى أمام أعين الناس فى الاعلام والتعليم والمساجد والمقاهى والنوادى والشوارع وعلى المصاطب ـ وحتى حفلات الزفاف ومناسبات العزاء.
يقولون انهم يؤمنون بحرية المعتقد .. فماذا لو ارتد مسلم عن دينه واصبح مسيحيا أو يهوديا ؟ هل يطبقون عليه حد الردة قتلا، وحينئذ لا يخالفون الاسلام فقط بل يخالفون مبدأ حرية الفكر والعقيدة.؟ ام يقررون فعلا حرية كل انسان فى اختيار ما يشاء من دين والخروج عما يشاء من دين وحريته حتى فى الكفرو والالحاد وفقا لأكثر من خمسمائة أية قرآنية؟ واذا وقفوا مع حقائق الاسلام وحرية المعتقد فعليهم حينئذ اعلان كفرهم بالسنة والفقه السنى لتأكيدهما على قتل المرتد.
يقولون بأنهم ضد الارهاب. وتعريف الارهاب هو قتل المدنيين المسالمين ، أو الاعتداء على من لم يقم بالاعتداء علينا. هذا جميل .. ولكن ماذا يقولون فى الفنوحات العربية التى حملت اسم الاسلام زورا واعتدت على أمم لم تهاجم المسلمين ؟ وماذا يقولون فى الصحابة الذين ارتكبوا هذا الاثم الفظيع المخالف لشرع الله تعالى فى القرآن ؟ وماذا يقولون فى الحديث الضال القائل " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله وان محمدا رسول الله .. الخ ؟ وهو الحديث المخالف لتشريع القرآن الكريم؟ وماذا يقولون فى البخارى الذى رواه؟ وماذا يقولون فى الأعمال الارهابية التى ارتكبها الأخوان ومنظماتهم السرية والعلنية فى الماضى؟ أليس الأجدر بهم الاعتذار عنها والاعلان بعد العودة لها والتبرؤ ممن يرتكبها ؟
يقولون انهم يؤمنون بالمساواة والعدل وحقوق المواطنة بلا تفرقة على أساس الدين والمذهب والمعتقد. فماذا يقولون عن معاملة أهل الذمة فى تاريخ المسلمين وتراثهم، وماذا يقولون عن الأحاديث التى تدعو لتحقير أهل الكتاب وازدرائهم؟ وماذا يقولون عن التفسيرات المذهبية التى تسىء فهم معانى القرآن الكريم فى هذا الاطار ؟ اليس من الواجب عليهم اعلان التبرؤ من هذا الفقه السلفى وتجريمه واعلان عدائه لحقوق الانسان وحقائق الاسلام ؟ ثم تصريحات مرشدهم الأسبق مصطفى مشهور عن منع المسيحيين من التجنيد وتطبيق أحكام أهل الذمة عليهم... ماذا يفعلون بها؟ ألا يجب عليهم التبرؤ منها ودحضها والاعتذار عنها؟ وماذا يقولون فى ولاية غير المسلم ؟ يعنى تولية مسيحى أو يهودى رئاسة الدولة؟ الفقه السلفى يمنع ذلك ولكن تجيزه الديمقراطيات الحديثة التى يعلن الاخوان توافقهم معها؟ اذا وافقوا الفقه تناقضوا مع الاسلام والديمقراطية ، واذا وافقوا الديمقراطية والاسلام فعليهم التبرؤ من الفقه السلفى وأحاديثه الكاذبة المتعصبة.
يقولون بحق المرأة ، فكيف يفعلون بالفقه السلفى الذى ينتمون له وهو ينتهك حقوق المرأة ويجعل النساء ناقصات عقل ودين ومادة للتشاؤم والتطير؟ وماذا يفعلون مع النص القرآنى القائل " واضربوهن " وما قاله الفقه السلفى فى شرح وتقعيد ضرب الزوجة ؟ وهل يقولون بولاية المرأة للقضاء والرئاسة للدولة كما يقول بعض المستنيرين من الفقهاء؟ واذا أيدوهم فلا بد من التبرؤ من أعيان الأئمة المتعصبين من الحنابلة ..
ماذا يقولون فى تطبيق حد السرقة وحد الحرابة ؟ ماذا يقولون فى عقوبة الاعدام خارج القصاص فى القتل مثل حد الرجم الذى ينفذ فى السعودية وايران وقتل الشواذ { وهذا ما حكمت به ايران وتخشى السعودية تطبيقه خوفا من قتل معظم السكان ) وقتل تارك الصلاة طبقا للفقه السنى، وعقوبة شرب الخمر؟ وماذا يقولون فى قتل المخالف للسلطان وحق الراعى فى قتل من يشاء من الرعية .. الى آخر تلك المنكرات المخالفة للقرآن والاسلام؟
اذا أعلنوا تبرأهم من كل هذا التراث وأحاديثه والسنة التى تدعمه وتلصقه زورا بالاسلام فعليهم أيضا التبرؤ مما كتبه شيخهم سيد سابق فى كتابه المشهور " فقه السنة " وهو الكتاب الذى كتب مقدمته حسن البنا ، وهو التشريع الحقيقى للاخوان وهو الذى يجيز قتل الزنديق ، والزنديق عندهم هو المسلم السنى العارف بدينه ولكن يخالف الحنابلة فى آرائهم . يقولون بوجوب قتله دون محاكمة أو استجواب أو نقاش ، يقتلونه حال العثور عليه. هذا ما قاله ابن تيمية وسيد سابق والشيخ ابو بكر الجزائرى ، والمكتوب فى مناهج الأزهر أضل سبيلا. فاذا كان الاخوان مخلصين فى توجههم الديمقراطى ـ اى فى تمسكهم بحقائق الاسلام ـ فلا بد من التبرؤ من كل تلك المؤسسات وأولئك الأئمة وكل ذلك التراث الحنبلى السنى وكل من طبقه ودعا اليه. ولا بد لهم بالتالى من الاحتكام للقرآن الكريم واعادة قراءته من جديد قراءة عصرية موضوعية. اذا فعلوا ذلك ـ وهم لن يفعلوه ـ فسيكتشفون أن الأولوية ليست للوصول للحكم ولكن لاصلاح المسلمين بالاسلام.
سيرفضون بالقطع ليس فقط لأنهم طلاب سلطة وليسوا طلاب اصلاح ، وليس فقط لأنهم لا علم لهم بالاسلام وتاريخ المسلمين وطوائفهم ومعتقداتهم الواقعية وتراثهم واختلافه عن الاسلام. سيرفضون لكل تلك الاسباب ولسبب آخر أهم هو أنهم لن يرضوا مطلقا أن يكونوا تابعين للقرآنيين وشيخهم كاتب هذا المقال.
أرجو أن يوافقوا على التوبة وتغيير جلدهم والوقوف بحسم مع الديمقراطية وثقافتها الاسلامية ومواثيقها الدولية. حينئذ سأكون معهم فى نفس الطريق ومعنا كل مسلم حريص على دينه. عندها سيقدم الاخوان أكبر خدمة للاسلام حين يستخدمون قدرتهم التنظيمية ونفوذهم فى اصلاح المسلمين بالاسلام ليس رغبة فى حطام الدنيا والتحكم السياسى ولكن ابتغاء مرضاة الله تعالى واعلاء لشرعه ودينه بالدعوة السلمية التى تعلى من شأن الانسان وحقوقه حتى لو اختلف معك فى المعتقد. على أن الاخلاص هنا يعنى التفرغ لتغيير المناخ الى الأفضل وهذا يستلزم عملا مضنيا مستمرا فى التنوير والتوضيح والتثقيف للخلاص من الثقافة المتعصبة التى أرساها الاخوان أنفسهم منذ أكثر من نصف قرن .
الواقع يقول انهم على مكانتهم يعملون. ينشرون فكرهم متمسحين بالاسلام، ويعملون على تربية الشباب على أساسه بأناة وتؤدة، وينتظرون الثمار على مهل.
17)ولكن تغيير المناخ كلية وفق ما يشتهيه الاخوان يستلزم وقتا طويلا.
ولكنه هو الخيار الأكثر ضمانا ، ثم هو نفس السياسة القديمة للحركات السياسية الدينية فى العصور الوسطى ، سياسة النفس الطويل وتغيير المناخ على مهل أو بتعبيرهم تربية الفرد ثم تربية المجتمع، فاذا وصل الفرد والمجتمع الى اعتناق الفكر الوهابى مستعدا للتضحية بنفسه كما يفعل الانتحاريون اليوم تهيأ لهم المناخ للحكم بدون معارضة.
18)ولكن الاخوان سعوا للحكم وكادوا ان يصلوا له ، وأحيانا وصلوا له لفترة أو فترات ؟
حدث فعلا وفشلوا ، فتعلموا من أخطائهم ولن يكرروها.
حاول الاخوان الوصول للحكم عن طريق دبابات الجيش فوقعوا ضحية للعسكر.
حاولوا استخدام عبد الناصر فاستخدمهم عبد الناصر ولعب بهم.
فى الجزائر كانوا قواد الحركة الوطنية فى مقاومة المستعمر الفرنسى ولكن بنفوذ عبد الناصر صار العسكريون فى المقدمة ووصلوا للحكم دونهم، حاولوا تعويض ذلك بالسيطرة على التعليم منتهزين فرصة التعريب فى الجزائر، فقام بالتعريب أئمة الاخوان وشبابهم من الغزالى الى الشعراوى وغيرهم ، وبالتعريب تحول الجيل الجديد الى التطرف ، وفى الانتخابات كادوا أن يصلوا للسلطة ولكن عسكر الجزائر وقف لهم بالمرصاد وألغى الانتخابات فى ظل سلبية عامة من جماهير الشعب الجزائرى، فأقام المتطرفون مذابح دموية للاطفال والنساء والأبرياء الجزائريين انتقاما من الحكام العسكر.
فى السودان وصل الترابى الى الحكم تابعا للبشير فما لبث البشير أن ألقى به فى السجن. بسبب الاخوان والحركة السلفية انقسمت الهند الى باكستان والهند، وبالنفط السعودى أنشئت المدارس الوهابية والجامعة الاسلامية فى اسلام أباد. قامت الحركة السلفية والاخوان فى باكستان بتجميع ابناء الفقراء ويتامى الحروب وتعليمهم فى المدارس وكلية الشريعة فى اسلام أباد, وأطلق عليهم الطالبان. أصبح الطالبان قوة عسكرية ضاربة بانضمام أقرانهم من الأفغان على الحدود بين باكستان وافغانستان. انتهى الأمر بوصول الطالبان لحكم أفغانستان ثم انهزموا بعد أن أعطوا نموذجا مفزعا للحكم السلفى الاخوانى.
فى كل الأحوال تبين للاخوان أن العصر الآن ليس ملائما لهم ، لذا هم يعملون بصبر وأناة للمستقبل مستغلين كل ما يحدث الآن لصالح استراتيجيتهم الرامية الى غسيل مخ الأفراد بالثقافة الوهابية وعقيدتها فى الحاكمية. عندها تأتيهم السلطة راكعة وبدون معارضة أو نقاش بل السمع والطاعة .
19) اذا كانت هذه هى استراتيجيتهم ، فما هو التكتيك الذى يتبعونه. ما هى خططهم ؟
المساعدات المجانية تأتى للاخوان المسلمين بلا مشقة ومن الجميع بلا استثناء .
من مصلحة الاخوان تأكيد العداء بين المسلمين واليهود، وقد استغلوا الصراع العربى الاسرائيلى فى هذا. عن طريق حماس تحول النضال السلمى السياسى الى ارهاب يقتل المدنيين اليهود فى الشوارع والفنادق ودور العبادة والنوادى ومحطات المواصلات.مما جعل الوصول لحلول وسطى أكثر تعقيدا. من مصلحة الاخوان تأكيد العداء بين المسلمين والمسيحيين ، وهذا تتكفل به السياسة الأمريكية فى العراق والشرق الأوسط، اذ يسهل تحويل الصراع السياسى الى صراع دينى وفق المفهوم الاخوانى. يريد الاخوان تأكيد العداء بين المسلمين والأقباط فى مصر فيتبرع بعض المتعصبين من الأقباط بالهجوم على الاسلام نفسه عبر مواقع الانترنت فيثيرون المعتدلين المسلمين المتعاطفين مع الاقباط والمناوئين للاخوان. العسكر المستبدون بالسلطة فى الشرق الأوسط هم الأعداء التقليديون للاخوان فى مصر وسوريا وغيرها وهم أيضا الأكثر فائدة للاخوان لأن العسكر يحاولون المزايدة دينيا على الاخوان برعاية أكثر للثقافة السنية الوهابية. وهناك ناحية أخرى اذ يجمع بين الاخوان والاستبداد العسكرى الخوف من الاصلاح الدينى والسياسى ، لذا يتبارى العسكر فى مطاردة دعاة الاصلاح ليبقى الحال على ما هو عليه ولصالح الاخوان.
الاستفادة الكبرى تأتى للاخوان مجانا من جهتين : الأولى دول النفط ونشرها للفكر الوهابى بالقنوات الفضائية ومواقع الانترنت والانتاج الفكرى والثقافى والدرامى والدينى. الجهة الأخرى هى التنظيمات المسلحة المختلفة وعملياتها الارهابية فى كل أنحاء العالم. الهدف الأساسى لهذه العمليات هو شغل الغرب وأمريكا وكل من يهمه الأمر بهذه الضربات الارهابية المتفرقة عن ما هو أخطر، وهو "التمكين".
التمكين فى مصطلحاتهم هو التوغل شيئا فشيئا فى السيطرة على الأفراد عقائديا ، بحيث يكون الفرد مستعدا لتفجير نفسه عندما يؤمر. فاذا تمكنوا من السيطرة على أفراد المجتمع قلبا وقالبا فقد تحقق لهم التمكين والسلطان المقيم. اذا وصلوا الى تربية نصف مليون فرد على السمع والطاعة والاستعداد بحيث يكون كل فرد منهم متحمسا لأن يكون انتحاريا فسيبدأون المرحلة الأولى فى التمكين، وهى الارهاب العام لكل الأقباط والعلمانيين والمعارضين السياسيين والمفكرين لطردهم من مصر. وعندها تخلو لهم مصر بملايينها المستضعفين ليصبحوا رعايا خاضعين لهم وفق ما كان سائدا فى العصور الوسطى.
20) اذن كيف نواجههم ؟
المواجهة هنا فكرية ثقافية تسندها وتؤازرها مواجهة قضائية فى ساحات المحاكم .
قبل التوضيح لا بد أن نبدأ هنا بالممنوعات وهى
أولا: المواجهة بالعنف مرفوضة. اذا واجهت الفكر بالسلاح انتصر الفكر حتى لوكان فكرا سيئ السمعة. اذا قضيت على الدولة الايدلوجية بالسلاح تاركا أساسها الايدلوجى فانها ـ اى الدولةـ لا تلبث أن تنهض طالما بقى بناؤها الايدولوجى قائما وقادرا على خلق الأنصار والأتباع . قضى صلاح الدين الأيوبى على الدولة الفاطمية فى هدوء بموت الخليفة العاضد الفاطمى . ولأن الدولة الفاطمية دولة ايدولوجية عقائدية تقوم على التشيع فان صلاح الدين حارب التشيع من داخل الثقافة السائدة لدى المسلمين ، وكانت التصوف وقتها. استورد صلاح الدين الأيوبى متصوفة الى مصر وخصص لهم خانقاة سعيد السعداء وجعل لهم طقوسا فى الذهاب لصلاة الجمعة ومنحهم وغيرهم الامكانات حتى حولوا المجتمع المصرى من النشيع الى التصوف ، فظل التصوف هو التدين العملى للمصريين الى أن قلص الوهابيون نفوذه أخيرا عن طريق الاخوان المسلمين.
محمد على باشا هزم دمر الدولة السعودية الأولى سنة 1818 واكتفى بهذا الجهد العسكرى تاركا الوهابية دون مواجهة فكرية مع وجود الأزهر وقتها عدوا لدودا للوهابية ،فازدهرت الوهابية وتضاعف أنصارها حتى خارج الجزيرة العربية مما مكن الأسرة السعودية من اعادة ملكهم فى الدولة السعودية الثانية ، ثم الثالثة.
عبد الناصر واجه الاخوان المسلمين بالعنف والتعذيب دون مواجهة للفكر الوهابى الذى تقوم عليه ايدلوجيتهم . ربما أراد باصلاح الأزهر أن يقوم بهذه المهمة ولكن اصلاح الأزهر لم يكتمل وانشغل عنه عبد الناصر بمعارك أخرى ومات تاركا المناخ موائما للاخوان بعد أن اكسبهم شهرة وتعاطفا بسبب ما فعله معهم من تعذيب واضطهاد . استفاد الاخوان من سياسة عبد الناصر العنيفة معهم وخسر عبد الناصر فى صراعه معهم لأنه استخدم السلاح غير المناسب.
المشكلة هى فى نظام مبارك الذى يتفوق دائما على نفسه بالفشل. يدافع بضراوة عن الفكر الوهابى ويجعله ممثلا للاسلام ، ويعاقب القرآنيين المصلحين ويتهمهم بازدراء الدين لأنهم يناقشون الوهابية والفقه السنى بالقرآن والتراث نفسه. وفى نفس الوقت يضطهد الاخوان ويقوم بتعذيبهم ، يعاند الاصلاح الديمقراطى والاصلاح الدينى ويصل بالبلاد الى الحضيض فى كل الميادين، ويحاصر الأحزاب الشرعية فى مقراتها ، ويمنع العمل السياسى فى الجامعات بينما يترك المساجد والأزهر مقصورا على تدعيم فكر الاخوان السياسى والعقائدى مما يجعل الاخوان هم البديل المتاح بعد مطاردة كل المصلحين وتهميش منظمات المجتمع المدنى الممثل الحقيقى للتقدم والاصلاح والديمقراطية. بكل هذا الحمق من النظام نجح الاخوان وكان نجاحهم متوقعا .
ان المواجهة مع الاخوان لا تكون الا ثقافية فكرية عقلية مسالمة. التعامل معهم بالعنف هو الممنوع الأول.
ألممنوع الثانى :هو دخول شخصيات مسيحية أو أفكار مسيحية أو علمانية فى هذه المواجهة الثقافية الدينية و القضائية . لا يقوم بهذه المواجهة الا مسلمون متدينون لهم تاريخهم فى النضال ضد التطرف والارهاب وخبرتهم فى المواجهة ونبوغهم فى الاسلاميات وولاؤهم لحقوق الانسان وحقوق المواطنة والديمقراطية.هم فقط الذين يستطيعون مواجهة الاخوان من داخل الاسلام ومن داخل عقيدتهم وثقافتهم وبنفس اسلوبهم وأدواتهم.هم فقط الذين لا يستطيع الاخوان المزايدة عليهم فى التدين الاسلامى أو فى التبحر فى علوم الاسلام وتاريخه وتراثه.
المواجهة الثقافية :
دعاة التطرف والارهاب ليسوا فقط شيوخا وأئمة ومقدمى برامج دينية ، ولكن أخطرهم هم كاتبو الدراما العادية والدراما التاريخية الاسلامية ، اذ يتم الترويج لأفكار التطرف وثقافة الارهاب بطريق فعال – وغير مباشر – من خلال الدراما التى تتسلل الى عقل المشاهد ووعيه الباطنى وتصيغه وتؤثر فيه وهو مستمتع لما يشاهد دون مناقشة أو احتجاج . لقد أفلح الوهابيون وعملاؤهم فى انتاج دراما من تاريخ المسلمين وتراثهم أسهمت فى نشر التعصب والتطرف.
لا بد من انشاء قنوات تليفزيونية تواجه الوهابية ببرامج ثقافية تناقش المسكوت عنه فى الفكر السلفى الوهابى فى ضوء الاسلام وحقائقه لتثبت ان ثقافةالوهابية والاخوان تناقض الاسلام . وتقدم أيضا مسلسلات درامية مكتوبة بطريقة مدروسة تبتعد عن الغوغائية والوعظ المباشر ، بل تتسلل الى عقل المشاهد فى سهولة ويسر.
هذه القنوات لا بد لها من شركات انتاج للدراما والبرامج تغذيها وتملأ ساعات ارسالها بما يعزز رسالتها ويحقق الغرض منها.. علينا ان نقدم دراما تاريخية واقعية من حاضر المسلمين وتاريخهم توضح وتناقش المسكوت عنه وتشغل المتطرفين بالدفاع عن تراثهم وأكاذيبه. ونفس الحال مع البرامج التليفزيونية التى ستجد مجالات هائلة من المسكوت عنه فى التراث والتاريخ والماضى والحاضر.
هذه الحرب الفكرية بالقنوات الفضائية لا بد من تعزيزها بمواقع على الانترنت .
هذه الحرب الفكرية ستساعد المواجهة القضائية بالدعاية والتنوير وتسليط الضوء على القضية المطروحة امام المحاكم لاجتذاب الرأى العام للحقائق المطلوب اثباتها قضائيا.
المواجهة القضائية
نحتاج الى مراكز قانونية متخصصة لرفع دعاوى ضد سياسات الدولة واجهزتها مثل الأزهر والأوقاف وبقية المؤسسات فى تأكيد العدل وحقوق المواطنة وفى اصلاح التعليم واصلاح الأزهروفق ما يمليه قانون الأزهر نفسه والدستور بل واصلاح الدستور. هناك الكثير من المتاح لنا استغلاله والبناء عليه فى ارساء الاصلاح عبر آليات التقاضى. وتقوم البرامج التليفزيونية بالتعليق عليها لتشرك المجتمع فى المناقشة ولتخلق رأيا عاما مستنيرا يقوم بدوره بالتوعية ونشر ثقافة الديمقراطية وآداب الاختلاف فى الرأى دون تخوين وتكفير ودون اطلاق المفتريات والأكاذيب ، وبذلك يمكن اصلاح المناخ شيئا فشيئا.
الخاتمة
كل مصلح يعلن آراءه وخططه على الملأ ،لأنه لا يريد الا الاصلاح ابتغاء مرضاة الله تعالى فقط . هذا ما أفعله بكل وضوح حين أكتب ما أومن به حتى لو أتعب الكثيرين. لا أهتم برد الفعل لأننى لا أريد شيئا من أحد. ليست لى أجندة سرية لأنه ليس لى أى طموح سياسى ولا أرضى بالحلول الوسطى فيما يخص دينى ووطنى . آمل أن يقوم المخلصون لمصر بتنفيذ ما قلت لانقاذ أم الدنيا .
ان مصرـ بسكانها وبحضارتها القديمة وبحاضرها وبمستقبلها وبتأثيرها ـ توشك أن تقع فى قبضة أشد طوائف الحنابلة تعصبا وتطرفا وانغلاقا وأكثرهم دهاءا.
لقد جرت مصر فى طرق عديدة من القومية العربية الى الاشتراكية، وقد رأينا ارهاصات مما فعله التيار الوهابى الاخوانى قبل أن يصل للسلطة فى مصروفى العراق والجزائر وباكستان و غيرها. . وشهدنا حكم الوهابيين فى الجزيرة العربية وافغانستان . لم يعد لمصر المزيد مما تفقده بعد ان أفقدها نظام مبارك كل شىء . لا نريد ان تكون مصر جثة بين يدى الأخوان يجربون فيها تخلف الفقه السنى الذى لم يكن مناسبا لعصره ، فكيف يكون مناسبا لعصرنا؟
انه نداء لكل مصرى وكل مسلم ـ حتى من الاخوان المسلمين ـ تعالوا الى كلمة سواء نضع فيها كثيرا من النقاط فوق كثير من الحروف قبل أن نقفز بمصر فى الظلام .
لا نريد أن يأتى اليوم الذى يتحسر فيه المصريون على أيام حسنى مبارك الذى وصلنا فيه الى الحضيض .
تسألون عما هو أسفل من الحضيض ؟ سترونه بأعينكم اذا ظللتم على سلبيتكم جثة هامدة تنتقل من عسكر مبارك الى شيوخ الاخوان . عندها اذكرونى بخير فقد صرخت فى البرية أحذركم ناصحا فلم أسمع الا سبا وشتما آتيا من أسفل الحضيض الذى أخشى عليكم منه.
ـ الكتابات عن الاخوان لا تغوص فى الجذور التاريخية والاصولية. وهذا ما نحول تقديمة فى ايجاز فى هذه المداخلة .
سأضع الموضوع على شكل سؤال وجواب ليكون أكثر تبسيطا.
1) هل الأخوان المسلمون يمثلون الاسلام ؟
بالقطع لا. الاسلام دين ، أى نظرية ومبادىء، وأوامر ونواهى تشمل العقائد والسلوكيات. الاخوان المسلمون فى عقائدهم وسلوكياتهم يتناقضون مع دين الاسلام . أبسط تناقضهم مع الاسلام أن القرآن الكريم يؤكد ان من يستغل الدين لمطامع دنيوية فهو عدو لله تعالى . أى أنهم أعداء الله حين يستخدمون الاسلام مطية للوصول للحكم.
2) هل الاخوان المسلمون يمثلون المسلمين ؟
بالقطع لا. المسلمون الآن ثلاث طوائف كبرى : سنة وشيعة وصوفية. بالاضافة الى طوائف صغرى كثيرة كالقرآنيين والاباضية والبهائية والمعتزلة.
ينتمى الاخوان المسلمون الى طائفة السنة، وهى أكثر المسلمين تعصبا.
3) هل يمثل الاخوان المسلمون كل الطائفة السنية ؟
بالقطع لا . السنيون أربعة مذاهب مشهورة : الأحناف ، المالكية ، الشافعية ، ثم الحنابلة.
الحنابلة هم اشد المذاهب السنية تعصبا. ينتمى الاخوان المسلمون الى المذهب الحنبلى.
4) هل يمثل الاخوان المسلمون كل الحنابلة السنيين ؟
لا . الحنابلة مدارس متنوعة . اكثرهم تشددا مدرسة ابن تيمية. وينتمى الاخوان الى مدرسة ابن تيمية.
5) هل يمثل الاخوان المسلمون مدرسة ابن تيمية ؟
لا. مدرسة ابن تيمية فيها تيارات مختلفة، وأشدها تعصبا الوهابية. والدولة السعودية الراهنة التى أنشأها عبد العزيز آل سعود هى التى أنشأت تنظيم الاخوان المسلمين فى مصر على يد الشيخ رشيد رضا وصديقه الشيخ محب الدين الخطيب وتلميذهما المصرى الشاب حسن البنا سنة 1928 .
6) اذن الاخوان ينتمون الى الوهابية وهى أقلية دينية، فلماذا اكتسبوا كل ذلك النفوذ ؟
بسبب الدولة السعودية التى أنشأت حركة الاخوان المسلمين ، وبتعاونهما معا فى ظل ظروف اقليمية ودولية مواتية اقتنع العالم بأنهم الممثلون للاسلام مع التناقض بين ثقافتهم الدينية وبين الاسلام
7) كيف أنشأ السعوديون الوهابيون حركة الاخوان المسلمين ؟.
عبد العزيز آل سعود هو المنشىء للدولة السعودية الثالثة الراهنة فيما بين 1902ـ 1932 بعد استيلائه على الرياض سنة 1902قام بتجميع شباب البدو وتعليمهم الوهابية وتلقينهم ان الجهاد هو تكفير الآخرين وغزوهم واستحلال دمائهم وأموالهم ونسائهم واحتلال أرضهم ، وان كل من ليس وهابيا من المسلمين فهو مشرك ، وكل يهودى ونصرانى فهو كافر، ولا بد من جهاد الجميع. هؤلاء البدو الوهابيون اشتهروا باسم "الاخوان " وكان اسمهم يرعب الجميع فى الجزيرة العربية والشام والعراق بسبب المذابح التى اعتادوا ارتكابها. وبهم استطاع عبد العزيز توسيع ملكه فضم معظم الجزيرة العربية وهزم اليمن وخرب جنوب العراق والأردن واستولى على الحجاز سنة 1926 .
أراد الاخوان السعوديون الوهابيون بقيادة زعمائهم فيصل الدويش وابن بجاد وابن حيثيلين استمرار غزو العراق ولكن بريطانيا حذرت عبد العزيز وهددته أن لم يكف الاخوان عن الهجوم على العراق، وبنى البريطانيون حصونا على الحدود لتحمى العراق من هجمات الاخوان. اعتبر الاخوان بناء تلك الحصون الدفاعية فى الاراضى العراقية مانعا لهم من استمرار الجهاد وطالبوا عبد العزيز بالتحرك معهم ضدها فرفض خوفا من البريطانيين، فاتهمه الاخوان بموالاة الكفار " الانجليز ".
كان عبد العزيز قد ضم اليه الحجاز بسيوف الاخوان ومذابحهم، وسيطر على موسم الحج والحجاج، فانتهزها فرصة لتكوين تنظيمات اخوانية خارج الجزيرة العربية عوضا عن الاخوان البدو المشاغبين ، ولينشر الوهابية فى بلاد المسلمين مع التركيز على مصر والهند . وعن طريقه تحولت الجمعية الشرعية فى مصر الى الوهابية بدلا عن التصوف، وأنشئت حركة الشبان المسلمين كتنظيم شبه عسكرى نبغ فيه حسن البنا، ثم جماعة أنصار السنة وهى حركة وهابية خالصة يقودها الشيخ الأزهرى حامد الفقى صديق عبد العزيز آل سعود . وفى النهاية أنشئت حركة الاخوان المسلمين بديلا عن اخوان عبدالعزيز وتحمل اسمهم . وكان هدفها المعلن هو التربية الاسلامية ، وهدفها المستتر هو الوصول للحكم لاقامة دولة وهابية. اقامة تلك الجمعيات الوهابية فى مصر قام بها اثنان من الشوام هما رشيد رضا ومحب الدين الخطيب.
8) هذا عن الاخوان المسلمين فى مصر. فماذا حدث للاخوان البدو الوهابيين فى الجزيرة العربية مع عبد العزيز ؟
ثاروا عليه وحاربوه وانتصر عليهم فى معركة السبلة سنة 1929 ، وبعدها وفى سنة 1932 اعطى دولته الجديدة اسم أسرته فأصبحت تسمى المملكة العربية السعودية.
9) كيف سارت العلاقات بين الاخوان المسلمين والسعودية ؟
عن طريق الدعم السعودى استطاع البنا، وهو المدرس الإلزامى البسيط، أن ينشئ خمسين ألف شعبة للإخوان فى العمران المصرى من الإسكندرية إلى أسوان، واستطاع انشاء الجهاز السرى العسكرى الى جانب التنظيم الدولى للإخوان ، وكان من أعمدته الفضيل الورتلانى الجزائرى المساعد الغامض لحسن البنا، وهو الذى فجر ثورة الميثاق فى اليمن لقلب الموازين فيها لصالح السعودية، وقد نجحت الثورة فى قتل الإمام يحيى، ولكن سرعان ما فشلت وتنصلت منها السعودية، ورفضت استقبال الورتلانى بعد هربه من اليمن وظل الورتلانى فى سفينة فى البحرمع الذهب الذى سرقه من اليمن ترفض الموانئ العربية استقباله كراهية لدوره فى اليمن، إلى أن استطاع بعض الإخوان المسلمين تهريبه فى أحد موانى لبنان، وانتقل منها إلى تركيا، ثم ظهر بعد ذلك كالرجل الثانى فى قائمة جبهة التحرير الجزائرية حين توقيع ميثاقها فى القاهرة سنة 1955 وكان بن بيلا فى ذيل القائمة.
واكتشفت الحكومة المصرية ـ بعد ما حدث فى ثورة اليمن سنة 1948ـ خطورة حسن البنا وتنظيمه السرى والدولى وكيف استطاع حسن البنا إجراء ثورة فى اليمن بالريموت كنترول. وبالصدفة وقعت فى ايديهم الوثائق السرية للاخوان المسلمين فيما يعرف بقضية العربة الجيب التى أظهرت الجانب الارهابى الس�R { 9 للاخوان مما سهل القضاء على حسن البنا سياسيا وجسديا سنة 1948 .
ومعروف بعدها موقف الإخوان من تعضيد الثورة والخلاف بينهم وبين عبد الناصر، وهروب معظمهم الى السعودية وخدمتهم للوهابية ونشرها فى العالم الاسلامى. ثم تحالف السادات مع الإخوان، فعادوا للسيطرة على أجهزة الدولة المصرية فى التعليم والثقافة والحياة الدينية والأزهر والمساجد والإعلام تعززهم ثورة السعودية النفطية وسيطرتها الاعلامية والتليفزيونية ، وأفرزوا تنظيمات مختلفة على نسق التنظيم العسكرى فى عهد حسن البنا كان أهمها الجهاد والجماعة الاسلامية. ثم اختلفوا مع السادات، وقتلوه، واستمرت سيطرتهم فى عصر مبارك الذى آثر مطاردة الإرهاب المسلح مع تدعيم النفوذ السعودى والفكرالاخوانى الوهابى وتقديمه على أنه الإسلام.
10) ماذا قدم الاخوان للوهابية والسعودية ؟
عن طريق الاخوان المسلمين المصريين انتقلت الوهابية والنفوذ السعودى إلى شمال أفريقيا غرباً وإلى الشام شرقا والى الجاليات الاسلامية فى الغرب وأمريكا. كما استطاع الاخوان تقديم الفكر الوهابى للمثقفين المسلمين والطبقة الوسطى فى اسلوب عصرى مفهوم يختلف عن اسلوب محمد بن عبدالوهاب الفقهى الاصولى الجاف.ثم صاغوا الوهابية فى شعارات سياسية مقبولة لجماهير المسلمين مثل الاسلام هو الحل وتطبيق الشريعة، دون الدخول فى تفصيلات. أهم من ذلك كله ان الاخوان المسلمين أجهضوا المشروع الإصلاحى التنويرى للشيخ محمد عبده لصالح الهدف السياسى وهو الحكم الاسلامى – فى الظاهر – والوهابى فى الواقع. وبذلك استطاعوا تغيير المناخ لصالحهم فأصبح أكثر تطرفا وتعصبا ضد الغرب والمسيحيين واليهود والمرأة . الدليل على ذلك ان ما كان محمد عبده يقوله منذ قرن من الزمان فى دعوته الاصلاحية أصبح هرطقة وكفرا فى عصرنا الحالى يستوجب القتل.
11 )ما الذى سبب الوقيعة بين الاخوان والدولة السعودية مع اتفاقهما فى العقيدة الوهابية ؟
منذ البداية رفض عبد العزيز منشىء الدولة السعودية الراهنة ومنشىء الاخوان المسلمين ان تعمل حركة الاخوان داخل بلاده محددا عملها فى الخارج فقط. ولكن أدى تطور الأحداث الى هروب معظم الاخوان الى السعودية هربا من اضطهاد عبد الناصر يحملون معهم تربيتهم السياسية القائمة على النفاق وسياسة الوجهين والتقية. تلك هى خلفيتهم الثقافية التى أرساها حسن البنا طبقا لظروف الاخوان فى مصر والمخالفة للطبيعة البدوية فى الجزيرة العربية والتى ظهرت فيها الدولة السعودية. ومن الاختلاف حدث الاحتكاك وأدى الى نمو المعارضة الوهابية داخل المملكة وضد الاسرة السعودية. الاخوان بفكرهم المتطور ساعدوا فى ولادة المعارضة السعودية، فأخذ النظام السعودى وشيوخه الرسميون يهاجمون سيد قطب وجماعته والاخوان، يبينما تمتدحهم المعارضة الاصولية الوهابية.
11) ما هى نقطة الخلاف بين الاخوان والسعوديين ؟
ظروف نشأة الدعوة الوهابية والدولة السعودية تختلف عن ظروف نشأة الاخوان المسلمين تبعا لاختلاف مصر عن نجد. الاخوان النجديون الصحرايون لهم وجه واحد يتميز بالصراحة والجرأة واستباحة الدم علنا. وهذا ما كان مستحيلا على حسن البنا الجهر به ، لذا اتبع سياسة المداهنة وادعاء الاعتدال .عندما ظهر حسن البنا فى مصر بدعوته كانت أغلبية المسلمين المصريين بزعامة الأزهر صوفية يمقتون الوهابية. تسلل حسن البنا الى المجتمع المصرى المسلم المتدين بفكرة تجميع المسلمين حول هدف واحد هو الحكم الاسلامى مع نبذ الخلافات المذهبية وتأجيلها، وعاونه فى فكرته سقوط الخلافة العثمانية وحنين المسلمين الى استعادتها فى ثوب عربى أصيل. واستغل الليبرالية المصرية وافتقارها الى العدل الاجتماعى بأن تسلل للشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى وأوساط الأفندية المتعلمين الحالمين بالعدل والساخطين على التفاوت الطبقلى فاجتذبهم الى فكرة الحل الاسلامى بديلا عن العلمانية الشيوعية والغربية.كان يتحدث لكل فريق باللغة التى يؤثرها متبعا طريق التقية الشيعية ، وكان يرفع لواء التسامح والاعتدال محتفظا فى نفس الوقت بتنظيمه السرى المسلح ليتخلص من خصومه فاذا افتضح امر بعضهم تبرأ منهم على الملأ قائلا : "ليسوا اخوانا وليسوا مسلمين". هذا ما تربى عليه الاخوان على يد حسن البنا طيلة عشرين عاما {1928 ـ 1948 }. وبهذا الفكر تسللوا الى الأحزاب السياسية المعلنة والتنظيمات الشيوعية السرية وخلايا الضباط الأحرار الذين قاموا بانقلاب 1952 . وكان لا بد ان يحدث الاصطدام بينهم وبين عبد الناصر وهو الأعرف بهم حيث كان منهم يمارس نفس اللعبة. تغذى بهم عبد الناصر قبل ان يتعشوا به فهاجر معظمهم للسعودية التى كانت تواجه عبد الناصر ومشروعه القومى اليسارى.
فى السعودية عملوا فى خدمة الوهابية فاكتشفوا تسلط الأسرة السعودية وعنصريتها وفسادها. العادة فى الدولة الدينية أن الحاكم يستمد سلطته السياسية من الفقيه. وهذا ما حدث فى الاتفاق المشهور بين محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب. ابن عبد الوهاب الفقيه أعطى الشرعية الدينية لابن سعود أمير الدرعية ليغزو ويحتل ويحكم باسم الشرع. وبذلك أصبحت الوهابية هى مصدر الشرعية للسلطة السياسية للأسرة السعودية. وصارت أسرة الشيخ {ابن عبد الوهاب } تسير فى ركاب الأسرة السعودية الحاكمة. الاخوان الوهابيون الذين ثاروا على سيدهم عبد العزيز قالوا ان مصدر السلطة هو الوهابية وليس الأسرة السعودية، لكنهم كانوا مجرد جنود غير مؤهلين للجدل الفقهى فىمواجهة فقهاء عبد العزيز. عبد العزيز فى خلافه مع الاخوان الثائرين عليه حسم الموضوع بأن شرعيته فى الحكم ليست مستمدة من الوهابية ولكن من حقه فى استرداد ملك أسلافه الذين أقاموا الدولة السعودية الأولى والثانية . عبد العزيز بهذا أعلى أسرته السعودية على الدعوة الوهابية نفسها ثم أعطى الدولة اسم اسرته. برز هذا الاستعلاء الملكى السعودى أكثر بعد موت عبد العزيز ودخول مملكته عصر النفط وزعامة أسرته للعالم الاسلامى وتحالفها مع امريكا. تجلى هذا الاستعلاء فى تعامل الدولة السعودية مع العرب الوافدين ومنهم الاخوان المسلمون، مما أعاد التفكير فى الفجوة بين الحكم السعودى ومبادىء الوهابية التى ينبغى على الاسرة السعودية الانصياع لها. لم يكن الاخوان المسلمون وحدهم الذين يشعرون بالدونية داخل المملكة السعودية، شعر بها أيضا المتعلمون من أبناء المملكة الذين تخرجوا فى جامعات الغرب ففوجئوا عند التوظيف انهم ليسوا من أهل الثقة مهما كان نبوغهم لأن الدرجات العليا مقصورة على الاسرة السعودية و تحالفاتها القبلية. تقارب الساخطون من الاخوان المسلمين ومن الشباب السعودى المثقف المتدين بالوهابية، ونشأ جيل جديد من الوهابيين السعوديين متأثر بسيد قطب وآرائه الحادة اكثر من تأثره بالفقهاء الرسميين فى النظام السعودى. هذا الجيل السعودى الوهابى أخذ التقية عن الاخوان المسلمين وتحرك فى هدوء تحت السطح ، ومع تراكم الفساد والانحلال فى الاسرة السعودية وتحالفها مع امريكا أثمرالطرح الاخوانى تطورا فى العقلية الوهابية لدى هذا الجيل فأخذ يهمهم بتكفير الحكام السعوديين طبقا للتكفير العام الذى نادى به سيد قطب. جاءت الفرصة لهم بالجهر بالمعارضة بعد احتلال صدام للكويت وصرخةالأسرة السعودية تستنجد بأمريكا لتنقذها من غزو صدام لتؤكد عدم أهليتها للحكم بعد عجزها عن حماية الشعب بعد كل ما أنفقته من بلايين فى شراء السلاح بالملايين . تولدت المعارضة السعودية من رحم حرب الخليج متأثرة بالانفتاح على الاخوان.
هوجم الاخوان من شيوخ الوهابية الرسميين السعوديين، الا ان هؤلاء الشيوخ انفسهم تعلموا النفاق والتظاهر بالاعتدال فى مدرسة الاخوان. يقابلون الغرب بالحديث عن سماحة الاسلام والتبرؤ من ابن لادن ثم يتحدثون عن استمرارية الجهاد بالمفهوم الوهابى.
12) هل يؤثر هذا الخلاف على العلاقة بين السعوديين والاخوان ؟
لم يؤثر فى الثقافة المتفق عليها بينهما وهى الوهابية. هما يعملان معا فى نشر وتعميم الوهابية كممثل للاسلام.. يقدم الاخوان الفكر والخبرة البشرية ويقدم السعوديون النفوذ السياسى والامكانات غير المحدودة فى السيطرة على القنوات الفضائية والصحف ودور النشر والانتاج الدرامى والثقافى والمساجد والمعاهد ومراكز البحوث والدعوة والتنظيمات العلنية والسرية والرسمية داخل وخارج العالم الاسلامى. وبجهدهما معا تم تغيير المناخ فىمعظم بلاد المسلمين ليكون اكثر ميلا للعنف والتعصب وكراهية الغرب وغير المسلم ورفض الاصلاح الدينى للمسلمين من داخل الاسلام ورفض الديمقراطية.
13) ما هى الاستراتيجية السياسية للاخوان ؟
تتلخص فى كلمة واحدة هى التربية الثقافيةالدينية للفرد والمجتمع وصولا الى اخضاعه للسمع والطاعة بدون مناقشة لولى الأمر وفق مبدأ الحاكمية الذى يؤمنون به كعقيدة دينية وسياسية. لو قيل للاخوان الآن تعالوا احكموا لرفضوا الحكم ، لأنه سيكون امتحانا يعرفون مقدما انهم سيخسرون فيه. فى موقع الحكم سيكونون فى متناول النقد والمعارضة ومطالبون بتنفيذ الوعود السياسية فى كيف يكون الاسلام هو الحل وكيف يتم تطبيق الشريعة .هم ليسوا مؤهلين للحكم الديمقراطى اذ لا يعرفون الا الحاكمية التى تعنى أن يكون الحاكم مسئولا فقط أمام الله تعالى يوم القيامة باعتباره الراعى والشعب هو الرعية او الاغنام.
14) ولكن بعض الحركات الاسلامية السياسية وصلت للحكم وتركته وفق تبادل السلطة وقواعد الديمقراطية.. لماذا لا يكون الاخوان كذلك خصوصا وهم يعلنون رضاهم بالديمقراطية ؟
الحركات السياسية الاسلامية التى تقبل الديمقراطية وتتعامل معها ايجابيا تنتمى الى التدين الصوفى المنتشر فى بلادها من تركيا الى ماليزيا واندونيسيا وسنغافورة وبنجلاديش. قلنا ان المسلمين طواف ثلاث كبرى سنة وشيعة وصوفية. السنة أكثرهم تشددا والوهابية هم الأكثر من السنيين تشددا. الصوفية المسلمون اكثر مسالمة واكثر اعترافا بالتعددية ، بل ان التصوف يقوم على اساس التفرق الى طرق صوفية تتفرع وتتفرع الى طرق أكثر وأكثر. ولهذا فالديمقراطية واردة فى تدين التصوف الذى يعترف بالتعددية ويتسامح مع المختلف فى الدين .
15) ولكن الاخوان المسلمين يشجبون الارهاب يعلنون تمسكهم بالديمقراطية وحقوق الانسان وحقوق الأقباط وحرية الرأى والمعتقد وحقوق المرأة .
هى نفس سياسة النفاق التى كان يخدع حسن البنا بها المصريين فى عهده.
16) كيف نتأكد انهم مخادعون ؟ أو كيف نكشف توجهاتهم الحقيقية؟
بأن لا نكتفى بالسؤال، أى نحول السؤال الى استجواب ونقاش علنى أمام أعين الناس فى الاعلام والتعليم والمساجد والمقاهى والنوادى والشوارع وعلى المصاطب ـ وحتى حفلات الزفاف ومناسبات العزاء.
يقولون انهم يؤمنون بحرية المعتقد .. فماذا لو ارتد مسلم عن دينه واصبح مسيحيا أو يهوديا ؟ هل يطبقون عليه حد الردة قتلا، وحينئذ لا يخالفون الاسلام فقط بل يخالفون مبدأ حرية الفكر والعقيدة.؟ ام يقررون فعلا حرية كل انسان فى اختيار ما يشاء من دين والخروج عما يشاء من دين وحريته حتى فى الكفرو والالحاد وفقا لأكثر من خمسمائة أية قرآنية؟ واذا وقفوا مع حقائق الاسلام وحرية المعتقد فعليهم حينئذ اعلان كفرهم بالسنة والفقه السنى لتأكيدهما على قتل المرتد.
يقولون بأنهم ضد الارهاب. وتعريف الارهاب هو قتل المدنيين المسالمين ، أو الاعتداء على من لم يقم بالاعتداء علينا. هذا جميل .. ولكن ماذا يقولون فى الفنوحات العربية التى حملت اسم الاسلام زورا واعتدت على أمم لم تهاجم المسلمين ؟ وماذا يقولون فى الصحابة الذين ارتكبوا هذا الاثم الفظيع المخالف لشرع الله تعالى فى القرآن ؟ وماذا يقولون فى الحديث الضال القائل " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله وان محمدا رسول الله .. الخ ؟ وهو الحديث المخالف لتشريع القرآن الكريم؟ وماذا يقولون فى البخارى الذى رواه؟ وماذا يقولون فى الأعمال الارهابية التى ارتكبها الأخوان ومنظماتهم السرية والعلنية فى الماضى؟ أليس الأجدر بهم الاعتذار عنها والاعلان بعد العودة لها والتبرؤ ممن يرتكبها ؟
يقولون انهم يؤمنون بالمساواة والعدل وحقوق المواطنة بلا تفرقة على أساس الدين والمذهب والمعتقد. فماذا يقولون عن معاملة أهل الذمة فى تاريخ المسلمين وتراثهم، وماذا يقولون عن الأحاديث التى تدعو لتحقير أهل الكتاب وازدرائهم؟ وماذا يقولون عن التفسيرات المذهبية التى تسىء فهم معانى القرآن الكريم فى هذا الاطار ؟ اليس من الواجب عليهم اعلان التبرؤ من هذا الفقه السلفى وتجريمه واعلان عدائه لحقوق الانسان وحقائق الاسلام ؟ ثم تصريحات مرشدهم الأسبق مصطفى مشهور عن منع المسيحيين من التجنيد وتطبيق أحكام أهل الذمة عليهم... ماذا يفعلون بها؟ ألا يجب عليهم التبرؤ منها ودحضها والاعتذار عنها؟ وماذا يقولون فى ولاية غير المسلم ؟ يعنى تولية مسيحى أو يهودى رئاسة الدولة؟ الفقه السلفى يمنع ذلك ولكن تجيزه الديمقراطيات الحديثة التى يعلن الاخوان توافقهم معها؟ اذا وافقوا الفقه تناقضوا مع الاسلام والديمقراطية ، واذا وافقوا الديمقراطية والاسلام فعليهم التبرؤ من الفقه السلفى وأحاديثه الكاذبة المتعصبة.
يقولون بحق المرأة ، فكيف يفعلون بالفقه السلفى الذى ينتمون له وهو ينتهك حقوق المرأة ويجعل النساء ناقصات عقل ودين ومادة للتشاؤم والتطير؟ وماذا يفعلون مع النص القرآنى القائل " واضربوهن " وما قاله الفقه السلفى فى شرح وتقعيد ضرب الزوجة ؟ وهل يقولون بولاية المرأة للقضاء والرئاسة للدولة كما يقول بعض المستنيرين من الفقهاء؟ واذا أيدوهم فلا بد من التبرؤ من أعيان الأئمة المتعصبين من الحنابلة ..
ماذا يقولون فى تطبيق حد السرقة وحد الحرابة ؟ ماذا يقولون فى عقوبة الاعدام خارج القصاص فى القتل مثل حد الرجم الذى ينفذ فى السعودية وايران وقتل الشواذ { وهذا ما حكمت به ايران وتخشى السعودية تطبيقه خوفا من قتل معظم السكان ) وقتل تارك الصلاة طبقا للفقه السنى، وعقوبة شرب الخمر؟ وماذا يقولون فى قتل المخالف للسلطان وحق الراعى فى قتل من يشاء من الرعية .. الى آخر تلك المنكرات المخالفة للقرآن والاسلام؟
اذا أعلنوا تبرأهم من كل هذا التراث وأحاديثه والسنة التى تدعمه وتلصقه زورا بالاسلام فعليهم أيضا التبرؤ مما كتبه شيخهم سيد سابق فى كتابه المشهور " فقه السنة " وهو الكتاب الذى كتب مقدمته حسن البنا ، وهو التشريع الحقيقى للاخوان وهو الذى يجيز قتل الزنديق ، والزنديق عندهم هو المسلم السنى العارف بدينه ولكن يخالف الحنابلة فى آرائهم . يقولون بوجوب قتله دون محاكمة أو استجواب أو نقاش ، يقتلونه حال العثور عليه. هذا ما قاله ابن تيمية وسيد سابق والشيخ ابو بكر الجزائرى ، والمكتوب فى مناهج الأزهر أضل سبيلا. فاذا كان الاخوان مخلصين فى توجههم الديمقراطى ـ اى فى تمسكهم بحقائق الاسلام ـ فلا بد من التبرؤ من كل تلك المؤسسات وأولئك الأئمة وكل ذلك التراث الحنبلى السنى وكل من طبقه ودعا اليه. ولا بد لهم بالتالى من الاحتكام للقرآن الكريم واعادة قراءته من جديد قراءة عصرية موضوعية. اذا فعلوا ذلك ـ وهم لن يفعلوه ـ فسيكتشفون أن الأولوية ليست للوصول للحكم ولكن لاصلاح المسلمين بالاسلام.
سيرفضون بالقطع ليس فقط لأنهم طلاب سلطة وليسوا طلاب اصلاح ، وليس فقط لأنهم لا علم لهم بالاسلام وتاريخ المسلمين وطوائفهم ومعتقداتهم الواقعية وتراثهم واختلافه عن الاسلام. سيرفضون لكل تلك الاسباب ولسبب آخر أهم هو أنهم لن يرضوا مطلقا أن يكونوا تابعين للقرآنيين وشيخهم كاتب هذا المقال.
أرجو أن يوافقوا على التوبة وتغيير جلدهم والوقوف بحسم مع الديمقراطية وثقافتها الاسلامية ومواثيقها الدولية. حينئذ سأكون معهم فى نفس الطريق ومعنا كل مسلم حريص على دينه. عندها سيقدم الاخوان أكبر خدمة للاسلام حين يستخدمون قدرتهم التنظيمية ونفوذهم فى اصلاح المسلمين بالاسلام ليس رغبة فى حطام الدنيا والتحكم السياسى ولكن ابتغاء مرضاة الله تعالى واعلاء لشرعه ودينه بالدعوة السلمية التى تعلى من شأن الانسان وحقوقه حتى لو اختلف معك فى المعتقد. على أن الاخلاص هنا يعنى التفرغ لتغيير المناخ الى الأفضل وهذا يستلزم عملا مضنيا مستمرا فى التنوير والتوضيح والتثقيف للخلاص من الثقافة المتعصبة التى أرساها الاخوان أنفسهم منذ أكثر من نصف قرن .
الواقع يقول انهم على مكانتهم يعملون. ينشرون فكرهم متمسحين بالاسلام، ويعملون على تربية الشباب على أساسه بأناة وتؤدة، وينتظرون الثمار على مهل.
17)ولكن تغيير المناخ كلية وفق ما يشتهيه الاخوان يستلزم وقتا طويلا.
ولكنه هو الخيار الأكثر ضمانا ، ثم هو نفس السياسة القديمة للحركات السياسية الدينية فى العصور الوسطى ، سياسة النفس الطويل وتغيير المناخ على مهل أو بتعبيرهم تربية الفرد ثم تربية المجتمع، فاذا وصل الفرد والمجتمع الى اعتناق الفكر الوهابى مستعدا للتضحية بنفسه كما يفعل الانتحاريون اليوم تهيأ لهم المناخ للحكم بدون معارضة.
18)ولكن الاخوان سعوا للحكم وكادوا ان يصلوا له ، وأحيانا وصلوا له لفترة أو فترات ؟
حدث فعلا وفشلوا ، فتعلموا من أخطائهم ولن يكرروها.
حاول الاخوان الوصول للحكم عن طريق دبابات الجيش فوقعوا ضحية للعسكر.
حاولوا استخدام عبد الناصر فاستخدمهم عبد الناصر ولعب بهم.
فى الجزائر كانوا قواد الحركة الوطنية فى مقاومة المستعمر الفرنسى ولكن بنفوذ عبد الناصر صار العسكريون فى المقدمة ووصلوا للحكم دونهم، حاولوا تعويض ذلك بالسيطرة على التعليم منتهزين فرصة التعريب فى الجزائر، فقام بالتعريب أئمة الاخوان وشبابهم من الغزالى الى الشعراوى وغيرهم ، وبالتعريب تحول الجيل الجديد الى التطرف ، وفى الانتخابات كادوا أن يصلوا للسلطة ولكن عسكر الجزائر وقف لهم بالمرصاد وألغى الانتخابات فى ظل سلبية عامة من جماهير الشعب الجزائرى، فأقام المتطرفون مذابح دموية للاطفال والنساء والأبرياء الجزائريين انتقاما من الحكام العسكر.
فى السودان وصل الترابى الى الحكم تابعا للبشير فما لبث البشير أن ألقى به فى السجن. بسبب الاخوان والحركة السلفية انقسمت الهند الى باكستان والهند، وبالنفط السعودى أنشئت المدارس الوهابية والجامعة الاسلامية فى اسلام أباد. قامت الحركة السلفية والاخوان فى باكستان بتجميع ابناء الفقراء ويتامى الحروب وتعليمهم فى المدارس وكلية الشريعة فى اسلام أباد, وأطلق عليهم الطالبان. أصبح الطالبان قوة عسكرية ضاربة بانضمام أقرانهم من الأفغان على الحدود بين باكستان وافغانستان. انتهى الأمر بوصول الطالبان لحكم أفغانستان ثم انهزموا بعد أن أعطوا نموذجا مفزعا للحكم السلفى الاخوانى.
فى كل الأحوال تبين للاخوان أن العصر الآن ليس ملائما لهم ، لذا هم يعملون بصبر وأناة للمستقبل مستغلين كل ما يحدث الآن لصالح استراتيجيتهم الرامية الى غسيل مخ الأفراد بالثقافة الوهابية وعقيدتها فى الحاكمية. عندها تأتيهم السلطة راكعة وبدون معارضة أو نقاش بل السمع والطاعة .
19) اذا كانت هذه هى استراتيجيتهم ، فما هو التكتيك الذى يتبعونه. ما هى خططهم ؟
المساعدات المجانية تأتى للاخوان المسلمين بلا مشقة ومن الجميع بلا استثناء .
من مصلحة الاخوان تأكيد العداء بين المسلمين واليهود، وقد استغلوا الصراع العربى الاسرائيلى فى هذا. عن طريق حماس تحول النضال السلمى السياسى الى ارهاب يقتل المدنيين اليهود فى الشوارع والفنادق ودور العبادة والنوادى ومحطات المواصلات.مما جعل الوصول لحلول وسطى أكثر تعقيدا. من مصلحة الاخوان تأكيد العداء بين المسلمين والمسيحيين ، وهذا تتكفل به السياسة الأمريكية فى العراق والشرق الأوسط، اذ يسهل تحويل الصراع السياسى الى صراع دينى وفق المفهوم الاخوانى. يريد الاخوان تأكيد العداء بين المسلمين والأقباط فى مصر فيتبرع بعض المتعصبين من الأقباط بالهجوم على الاسلام نفسه عبر مواقع الانترنت فيثيرون المعتدلين المسلمين المتعاطفين مع الاقباط والمناوئين للاخوان. العسكر المستبدون بالسلطة فى الشرق الأوسط هم الأعداء التقليديون للاخوان فى مصر وسوريا وغيرها وهم أيضا الأكثر فائدة للاخوان لأن العسكر يحاولون المزايدة دينيا على الاخوان برعاية أكثر للثقافة السنية الوهابية. وهناك ناحية أخرى اذ يجمع بين الاخوان والاستبداد العسكرى الخوف من الاصلاح الدينى والسياسى ، لذا يتبارى العسكر فى مطاردة دعاة الاصلاح ليبقى الحال على ما هو عليه ولصالح الاخوان.
الاستفادة الكبرى تأتى للاخوان مجانا من جهتين : الأولى دول النفط ونشرها للفكر الوهابى بالقنوات الفضائية ومواقع الانترنت والانتاج الفكرى والثقافى والدرامى والدينى. الجهة الأخرى هى التنظيمات المسلحة المختلفة وعملياتها الارهابية فى كل أنحاء العالم. الهدف الأساسى لهذه العمليات هو شغل الغرب وأمريكا وكل من يهمه الأمر بهذه الضربات الارهابية المتفرقة عن ما هو أخطر، وهو "التمكين".
التمكين فى مصطلحاتهم هو التوغل شيئا فشيئا فى السيطرة على الأفراد عقائديا ، بحيث يكون الفرد مستعدا لتفجير نفسه عندما يؤمر. فاذا تمكنوا من السيطرة على أفراد المجتمع قلبا وقالبا فقد تحقق لهم التمكين والسلطان المقيم. اذا وصلوا الى تربية نصف مليون فرد على السمع والطاعة والاستعداد بحيث يكون كل فرد منهم متحمسا لأن يكون انتحاريا فسيبدأون المرحلة الأولى فى التمكين، وهى الارهاب العام لكل الأقباط والعلمانيين والمعارضين السياسيين والمفكرين لطردهم من مصر. وعندها تخلو لهم مصر بملايينها المستضعفين ليصبحوا رعايا خاضعين لهم وفق ما كان سائدا فى العصور الوسطى.
20) اذن كيف نواجههم ؟
المواجهة هنا فكرية ثقافية تسندها وتؤازرها مواجهة قضائية فى ساحات المحاكم .
قبل التوضيح لا بد أن نبدأ هنا بالممنوعات وهى
أولا: المواجهة بالعنف مرفوضة. اذا واجهت الفكر بالسلاح انتصر الفكر حتى لوكان فكرا سيئ السمعة. اذا قضيت على الدولة الايدلوجية بالسلاح تاركا أساسها الايدلوجى فانها ـ اى الدولةـ لا تلبث أن تنهض طالما بقى بناؤها الايدولوجى قائما وقادرا على خلق الأنصار والأتباع . قضى صلاح الدين الأيوبى على الدولة الفاطمية فى هدوء بموت الخليفة العاضد الفاطمى . ولأن الدولة الفاطمية دولة ايدولوجية عقائدية تقوم على التشيع فان صلاح الدين حارب التشيع من داخل الثقافة السائدة لدى المسلمين ، وكانت التصوف وقتها. استورد صلاح الدين الأيوبى متصوفة الى مصر وخصص لهم خانقاة سعيد السعداء وجعل لهم طقوسا فى الذهاب لصلاة الجمعة ومنحهم وغيرهم الامكانات حتى حولوا المجتمع المصرى من النشيع الى التصوف ، فظل التصوف هو التدين العملى للمصريين الى أن قلص الوهابيون نفوذه أخيرا عن طريق الاخوان المسلمين.
محمد على باشا هزم دمر الدولة السعودية الأولى سنة 1818 واكتفى بهذا الجهد العسكرى تاركا الوهابية دون مواجهة فكرية مع وجود الأزهر وقتها عدوا لدودا للوهابية ،فازدهرت الوهابية وتضاعف أنصارها حتى خارج الجزيرة العربية مما مكن الأسرة السعودية من اعادة ملكهم فى الدولة السعودية الثانية ، ثم الثالثة.
عبد الناصر واجه الاخوان المسلمين بالعنف والتعذيب دون مواجهة للفكر الوهابى الذى تقوم عليه ايدلوجيتهم . ربما أراد باصلاح الأزهر أن يقوم بهذه المهمة ولكن اصلاح الأزهر لم يكتمل وانشغل عنه عبد الناصر بمعارك أخرى ومات تاركا المناخ موائما للاخوان بعد أن اكسبهم شهرة وتعاطفا بسبب ما فعله معهم من تعذيب واضطهاد . استفاد الاخوان من سياسة عبد الناصر العنيفة معهم وخسر عبد الناصر فى صراعه معهم لأنه استخدم السلاح غير المناسب.
المشكلة هى فى نظام مبارك الذى يتفوق دائما على نفسه بالفشل. يدافع بضراوة عن الفكر الوهابى ويجعله ممثلا للاسلام ، ويعاقب القرآنيين المصلحين ويتهمهم بازدراء الدين لأنهم يناقشون الوهابية والفقه السنى بالقرآن والتراث نفسه. وفى نفس الوقت يضطهد الاخوان ويقوم بتعذيبهم ، يعاند الاصلاح الديمقراطى والاصلاح الدينى ويصل بالبلاد الى الحضيض فى كل الميادين، ويحاصر الأحزاب الشرعية فى مقراتها ، ويمنع العمل السياسى فى الجامعات بينما يترك المساجد والأزهر مقصورا على تدعيم فكر الاخوان السياسى والعقائدى مما يجعل الاخوان هم البديل المتاح بعد مطاردة كل المصلحين وتهميش منظمات المجتمع المدنى الممثل الحقيقى للتقدم والاصلاح والديمقراطية. بكل هذا الحمق من النظام نجح الاخوان وكان نجاحهم متوقعا .
ان المواجهة مع الاخوان لا تكون الا ثقافية فكرية عقلية مسالمة. التعامل معهم بالعنف هو الممنوع الأول.
ألممنوع الثانى :هو دخول شخصيات مسيحية أو أفكار مسيحية أو علمانية فى هذه المواجهة الثقافية الدينية و القضائية . لا يقوم بهذه المواجهة الا مسلمون متدينون لهم تاريخهم فى النضال ضد التطرف والارهاب وخبرتهم فى المواجهة ونبوغهم فى الاسلاميات وولاؤهم لحقوق الانسان وحقوق المواطنة والديمقراطية.هم فقط الذين يستطيعون مواجهة الاخوان من داخل الاسلام ومن داخل عقيدتهم وثقافتهم وبنفس اسلوبهم وأدواتهم.هم فقط الذين لا يستطيع الاخوان المزايدة عليهم فى التدين الاسلامى أو فى التبحر فى علوم الاسلام وتاريخه وتراثه.
المواجهة الثقافية :
دعاة التطرف والارهاب ليسوا فقط شيوخا وأئمة ومقدمى برامج دينية ، ولكن أخطرهم هم كاتبو الدراما العادية والدراما التاريخية الاسلامية ، اذ يتم الترويج لأفكار التطرف وثقافة الارهاب بطريق فعال – وغير مباشر – من خلال الدراما التى تتسلل الى عقل المشاهد ووعيه الباطنى وتصيغه وتؤثر فيه وهو مستمتع لما يشاهد دون مناقشة أو احتجاج . لقد أفلح الوهابيون وعملاؤهم فى انتاج دراما من تاريخ المسلمين وتراثهم أسهمت فى نشر التعصب والتطرف.
لا بد من انشاء قنوات تليفزيونية تواجه الوهابية ببرامج ثقافية تناقش المسكوت عنه فى الفكر السلفى الوهابى فى ضوء الاسلام وحقائقه لتثبت ان ثقافةالوهابية والاخوان تناقض الاسلام . وتقدم أيضا مسلسلات درامية مكتوبة بطريقة مدروسة تبتعد عن الغوغائية والوعظ المباشر ، بل تتسلل الى عقل المشاهد فى سهولة ويسر.
هذه القنوات لا بد لها من شركات انتاج للدراما والبرامج تغذيها وتملأ ساعات ارسالها بما يعزز رسالتها ويحقق الغرض منها.. علينا ان نقدم دراما تاريخية واقعية من حاضر المسلمين وتاريخهم توضح وتناقش المسكوت عنه وتشغل المتطرفين بالدفاع عن تراثهم وأكاذيبه. ونفس الحال مع البرامج التليفزيونية التى ستجد مجالات هائلة من المسكوت عنه فى التراث والتاريخ والماضى والحاضر.
هذه الحرب الفكرية بالقنوات الفضائية لا بد من تعزيزها بمواقع على الانترنت .
هذه الحرب الفكرية ستساعد المواجهة القضائية بالدعاية والتنوير وتسليط الضوء على القضية المطروحة امام المحاكم لاجتذاب الرأى العام للحقائق المطلوب اثباتها قضائيا.
المواجهة القضائية
نحتاج الى مراكز قانونية متخصصة لرفع دعاوى ضد سياسات الدولة واجهزتها مثل الأزهر والأوقاف وبقية المؤسسات فى تأكيد العدل وحقوق المواطنة وفى اصلاح التعليم واصلاح الأزهروفق ما يمليه قانون الأزهر نفسه والدستور بل واصلاح الدستور. هناك الكثير من المتاح لنا استغلاله والبناء عليه فى ارساء الاصلاح عبر آليات التقاضى. وتقوم البرامج التليفزيونية بالتعليق عليها لتشرك المجتمع فى المناقشة ولتخلق رأيا عاما مستنيرا يقوم بدوره بالتوعية ونشر ثقافة الديمقراطية وآداب الاختلاف فى الرأى دون تخوين وتكفير ودون اطلاق المفتريات والأكاذيب ، وبذلك يمكن اصلاح المناخ شيئا فشيئا.
الخاتمة
كل مصلح يعلن آراءه وخططه على الملأ ،لأنه لا يريد الا الاصلاح ابتغاء مرضاة الله تعالى فقط . هذا ما أفعله بكل وضوح حين أكتب ما أومن به حتى لو أتعب الكثيرين. لا أهتم برد الفعل لأننى لا أريد شيئا من أحد. ليست لى أجندة سرية لأنه ليس لى أى طموح سياسى ولا أرضى بالحلول الوسطى فيما يخص دينى ووطنى . آمل أن يقوم المخلصون لمصر بتنفيذ ما قلت لانقاذ أم الدنيا .
ان مصرـ بسكانها وبحضارتها القديمة وبحاضرها وبمستقبلها وبتأثيرها ـ توشك أن تقع فى قبضة أشد طوائف الحنابلة تعصبا وتطرفا وانغلاقا وأكثرهم دهاءا.
لقد جرت مصر فى طرق عديدة من القومية العربية الى الاشتراكية، وقد رأينا ارهاصات مما فعله التيار الوهابى الاخوانى قبل أن يصل للسلطة فى مصروفى العراق والجزائر وباكستان و غيرها. . وشهدنا حكم الوهابيين فى الجزيرة العربية وافغانستان . لم يعد لمصر المزيد مما تفقده بعد ان أفقدها نظام مبارك كل شىء . لا نريد ان تكون مصر جثة بين يدى الأخوان يجربون فيها تخلف الفقه السنى الذى لم يكن مناسبا لعصره ، فكيف يكون مناسبا لعصرنا؟
انه نداء لكل مصرى وكل مسلم ـ حتى من الاخوان المسلمين ـ تعالوا الى كلمة سواء نضع فيها كثيرا من النقاط فوق كثير من الحروف قبل أن نقفز بمصر فى الظلام .
لا نريد أن يأتى اليوم الذى يتحسر فيه المصريون على أيام حسنى مبارك الذى وصلنا فيه الى الحضيض .
تسألون عما هو أسفل من الحضيض ؟ سترونه بأعينكم اذا ظللتم على سلبيتكم جثة هامدة تنتقل من عسكر مبارك الى شيوخ الاخوان . عندها اذكرونى بخير فقد صرخت فى البرية أحذركم ناصحا فلم أسمع الا سبا وشتما آتيا من أسفل الحضيض الذى أخشى عليكم منه.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)